يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
76636 مشاهدة print word pdf
line-top
صفة العلو والفوقية

ص (وقوله أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك وقال للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء: قال أعتقها فإنها مؤمنة رواه مالك بن أنس ومسلم وغيرهما من الأئمة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين كم إلها تعبد؟ قال: سبعة. ستة في الأرض وواحدا في السماء. قال: ومن لرهبتك ورغبتك؟ قال الذي في السماء. قال: فاترك الستة، واعبد الذي في السماء، وأنا أعلمك دعوتين فأسلم وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب المتقدمة أنهم يسجدون بالأرض، ويزعمون أن إلههم في السماء).


س 29 (أ) بين دلالة الآية المذكورة والحديث الأول. (ب) وكيف يستدل بكلام الجارية؟. (ج) وما معنى قوله: كم إلها تعبد؟ (د) وما المراد برغبته ورهبته. (هـ) وبين دلالة الأثر عن الكتب المتقدمة. (و) وما معنى حرف الجر في قوله (في السماء)؟
ج29 (أ) تفيد الآية والحديث أن الله تعالى في السماء، والمعنى: كيف تأمنون الله الذي في السماء فوقكم ومطلع عليكم، وفى الحديث توسل إلى الله بكونه الرب، أي المالك المربي لنا بالنعم، وبكونه في السماء حيث أن صفة العلو تفيد الغلبة والتمكن، ثم مجده تعالى بقوله تقدس اسمك، أي تنزه، وعظم جلالك، وكبرياؤك، والحديث رواه أبو داود والحاكم والبيهقي والطبراني عن أبي الدرداء في رقية المريض.
(ب) أما حديث الجارية فرواه مسلم وأبو داود والنسائي والإمام مالك وغيرهم، ودلالته واضحة على إثبات صفة العلو لله تعالى فإنه لما قال أين الله فقالت: في السماء، كان اعترافا منها بالله مألوها، وأنه العلي الأعلى، ولما أقرها على ذلك، وشهد لها بالإيمان، دل على أن اعتقاد كون الله في السماء مما يتم به الإيمان.
(ج) أما حديث حصين -وهو والد عمران - فرواه الترمذي والبيهقي وغيرهما.
سأله عن عدد الآلهة التي يعبدها وكانوا يسمون كل معبود إلها، لأنهم يألهونه، أي تألهه قلوبهم، محبة، وخوفا، ورجاء، وكانوا يعترفون بالله ربا وخالقا، فلذلك ذكر حصين أنه يعبد سبعة آلهة، وأن واحدا منها في السماء وهو الله.
(د) وقوله: من لرغبتك ورهبتك؟ الرغبة قوة الرجاء، والرهبة شدة الخوف، أي أيهم الذي تقصده وتهرع إليه عند شدة الخوف من ضرر، أو عند الحاجة إلى شيء مفقود، فاعترف بأن ذلك لله وحده، وكانوا في الشدة ينسون ما يشركون، ويدعون الله مخلصين له الدين، كما قال تعالى وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ وقال: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ودلالة الحديث في إقراره على أن المعبود للرغبة والرهبة هو الذي في السماء، وفى قوله: اترك الستة واعبد الذي في السماء، أي اعبد الله وحده، فلما أسلم علمه هذا الدعاء المختصر النافع.
(ه)وإما الأثر المنقول عن الكتب المتقدمة ففيه وصف هذه الأمة بأنهم وإن كانوا في الأرض فإنهم يعبدون الله الذي هو فوقهم في السماء، فدلالته كدلالة ما قبله.
(و)أما قوله في هذه النصوص (في السماء)، فليس معناه أن السماء تحويه أو تحصره، تعالى وتقدس عن ذلك علوا كبيرا، وقد فسرت بتفسيرين (أحدهما) أن حرف الجر بمعنى على، كما في قوله تعالى فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ وقوله: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وقوله أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فإن في بمعنى على فالمراد كونه على السماء، أي فوقها. (الثاني) أن المراد بالسماء العلو، أي هو في العلو وفوق العباد.

line-bottom