(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
62164 مشاهدة
تفسير آيات الأحكام من سورة النور

...............................................................................


‌وهو أن يشدد الذي يجلد فيأخذ سوطا جديدا ويضربه ضربا قويا، ولا يرحمه يعني لا يأخذه به رأفة ورقة وشفقة عليه إلا أنه لا يشدد حتى.. يشق جلده، أو يؤدي إلى موته، بل لا يصل إلى مثل هذا.
وكذلك شُرع أن يُفَرق على جسده، أن يضربه على ظهره وعلى جنبيه وعلى كتفيه، وعضديه وعلى فخذيه وساقيه. ولا يضربه على المَقَاتِل؛ فلا يضربه على الفرج ولا على البطن ولا على القلب وما أشبه ذلك؛ لأن القصد في ذلك إيلامه، وليس القصد قتله. ولكن لو قدر أنه مات بسبب هذا الجلد، تألم حتى مات؛ فإنه ورد في بعض الأحاديث أو الآثار من مات في حد فالحق قتله إذا مات في حد من الحدود فما قتل إلا بحق. الحق قتله. فلا يقاد.. الذي أقام عليه الحد؛ لأنه متبع ولأن الله قال: وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ
ولكن لا ينبغي له أن يتعمد. من التعمد مثلا أن يقتله؛ يعني يقصد قتله. يعني يضربه في بطنه فيشق أمعاءه، أو كذلك على قلبه وصدره، فيؤلم قلبه ويؤلم رئته ويؤلم كبده؛ مما يؤدي إلى تعطل منافعه أو ما أشبه ذلك. كذلك أيضا يفرق الضرب؛ فإنه لو جمعه حده على موضع واحد فقد يشق الجلد، أو قد يعطل ذلك العضو؛ فلذلك يؤمر بأن يفرقه؛ ولأن القصد كما ذكرنا أن يتألم جسده جميعه؛ فإن هذا الجسد تلذذ بهذه المعصية؛ فكان من المناسب أن يتعذب جميعه بهذه العقوبة؛ إلا ما نهي عن تعذيبه أو عن ضربه.
هذا معنى وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ ؛ أي رقة وشفقة، تشفق عليهم؛ لأن بعض الذين يجلدون لا يجلده إلا برأس السوط، ولا يرفع يده. إنما يجلده جلدات خفيفة، كأنه يريد لمسه، وهذا يخالف ما في هذه الآية وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ ؛ بل شددوا عليهما في هذا الجلد.