قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
88648 مشاهدة
النجوم الثابتة

...............................................................................


كذلك أيضا من آياته النجوم الثابتة وهي: نجوم القطب الشمالي فإنها ثابتة لا تتغير، القطب الذي هو الجدي لا يتحرك من موضعه إلا قليلا وحوله يدور نجمان يقال لهما: الفرقدان، يدوران حوله ولا يتعديانه كدوران الرحى، وحوله أيضا بنات النعش تدور أيضا حوله وهي سبع نجمات أربع منها كهيئة النعش تدور حوله ولكن دورة بعيدة. فكل ذلك دليل على أن الله الذي خلقها أنه جعلها آية وعبرة لمن يعتبر ولمن يتعظ ويتذكر إذا رأى ما فيها من الآيات يعني: كونها تسير سيرا محكما لا تتقدم ولا تتأخر. كذلك أيضا ما يشاهد من هذه الشهب التي تنقض من السماء تكثر أحيانا وتقل.
لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- كثر الرمي بالشهب، فعند ذلك انتبه العرب لذلك وقالوا: لا بد أن يكون هذا لحدث، ثم نظروا أو سألوا بعض رؤسائهم وأكابرهم فقال: إن كانت هذه التي يرمى بها هي النجوم الثابتة، فإن ذلك دليل على انقضاء هذه الحياة وعلى تبدلها وانقضاء ما على هذه الأرض.
أما إذا كان الذي يرمى به غير هذه النجوم الثابتة التي تسير في أفلاكها فإن ذلك لأمر حدث، ونظروا وإذا هذه الشهب ليست هي النجوم الثابتة، وإنما هي شهب يرمى بها يمكن أنها تنفصل عن تلك النجوم ينفصل عنها تلك الشهب.
ولهذا ذكر الله أن هذه النجوم رجوما للشياطين في قوله تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ إلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ وفي آية أخرى: فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ فعرفنا بذلك أن هذه النجوم التي يرمى بها أنها ليست هي النجوم الثابتة، وإنما هي شهب يمكن أنها منفصلة من تلك النجوم الكبيرة يرمى بها من يسترق السمع من الجن والشياطين، كما ذكر الله عن الجن أنهم قالوا : وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا أي: من أراد أن يستمع إلى السماء ليختطف، وليسترق السمع من الملائكة جاءه شهاب مرصد وأحرقه، فهذه من آيات الله الدالة على عظمته أن هذه من أصغر مخلوقاته.