اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
101883 مشاهدة print word pdf
line-top
توسع بعض العلماء في سرد الإسرائيليات

...............................................................................


ثم إن العلماء رحمهم الله توسعوا في هذه القصص، ولكن قد يكون بعض التوسع غير ثابت ولا صحيح؛ لأن كثيرا من تلك القصص التي توجد في كتب التفاسير معتمدها كتب غير موثوقة تسمى الإسرائيليات أي التي نقلت عن بني إسرائيل عن كتبهم، وقد عرف بأن كتبهم دخلها التحريف والتغيير، وأنهم كتبوا ما ليس بصحيح كما قال الله تعالى: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ يعني يتكلمون ويدعون أن كلامهم هذا من عند الله، وأنه من كلام الله الذي أوحاه إلى الرسل مع أنهم كاذبون، وقال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فأخبر بأن هناك منهم من يكتب كتابا وينسبه إلى الله، وهناك من يتكلم كلاما وينسبه إلى الله، والكل كاذبون؛ ولأجل ذلك لا يقبل من كلامهم إلا ما قامت عليه الأدلة، أو كان عن الصادقين المعروفين بالصدق المتورعين الذين لا يكتبون ولا يقولون إلا شيئا حقا.
من ذلك توسع كثير منهم في بعض القصص التي نزلت مجملة في القرآن مثل قصة طالوت وجالوت التي أجملت في القرآن، فإن كثيرا من كتب التفاسير ملئت بكثير من النقول التي لا صحة لها، وإنما هي توسع في هذه القصة التي أجملها الله، ومثل قصة هاروت وماروت التي ذكرت في القرآن مجملة ؛ فتوسع كثيرون، وذكروا فيها حوادث ووقائع، والأصل أنه لا صحة لتلك الوقائع، فتقبل الآية على ما هي عليه دون رجوع أو تصديق لتلك النقول التي هي مبنية على أصول غير معتمدة.
وكذلك كثير من القصص كقصة آدم وإخراجه من الجنة، وأنه دخل إليه إبليس في صورة أو في جرم حية، وأنه وسوس إلى آدم وحواء إلى آخر ذلك؛ فلا نصدق بما لا دليل عليه.

line-bottom