شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
حديث كرسي سليمان بن داود عليهما السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين. قال -رحمه الله تعالى- حديث كرسي سليمان بن داود اسم> -صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما-.
قال: حدثني أبي -رحمه الله تعالى- قال: حدثنا أحمد بن مهدي اسم> قال: حدثنا عبد الله بن صالح اسم> قال حدثني أبو إسحاق المصري اسم> -رحمه الله تعالى- قال: زعموا أن كعب الأحبار اسم> لما فرغ من حديث إرم اسم> ذات العماد قال له معاوية اسم> أخبرني عن كرسي سليمان بن داود اسم> عليه السلام وما كان عليه ومن أي شيء هو.
قال: كان كرسي سليمان بن داود اسم> -صلى الله على نبينا وعليه وسلم- من أنياب الفيلة مفصصة بالدر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ وقد جعل درجة منها مفصصة بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ ثم أمر بالكرسي فحفف من جانبيه بالنخل نخل من ذهب شماريخها من ياقوت وزبرجد ولؤلؤ.
وجعل على رءوس النخل التي على يمين الكرسي طواويس من ذهب ثم جعل على رءوس النخل التي على يسار الكرسي نسورا من ذهب مقابلها طواويس، وجعل على يمين الدرجة الأولى شجرتي صنوبر من ذهب وعلى يسارها أسدين من ذهب وعلى رءوس الأسدين عمودين من زبرجد.
وجعل من جانبي الكرسي شجرتي كرم من ذهب قد أظلتا الكرسي وجعل على عناقيدها درا وياقوتا أحمر، ثم جعل فوق درج الكرسي أسدين عظيمين من ذهب مجوفين محشوين مسكا وعنبرا.
فإذا أراد سليمان بن داود اسم> عليهما السلام أن يصعد على كرسيه استدار الأسدان ساعة ثم يقفان فينضخان ما في أجوافهما من المسك والعنبر حول كرسي سليمان بن داود اسم> عليهما السلام، ثم يوضع منبران واحد لخليفته والآخر لرئيس أحبار بني إسرائيل ذلك الزمان.
ثم أمام كرسيه سبعون منبرا من ذهب ليصعد عليها سبعون قاضيا من أحبار بني إسرائيل وعلمائهم وأهل الشرف منهم والتقوى، ومن خلف تلك المنابر كلها خمسة وثلاثون منبرا من ذهب ليس عليها أحد، فإذا أراد أن يصعد على كرسيه وضع قدميه على الدرجة السفلى فاستدار الكرسي كله بما فيه وعليه فيبسط الأسد يده اليمنى وينشر النسر جناحه الأيمن.
حتى إذا استوى سليمان اسم> عليه السلام على الدرجة الثانية وقعد على كرسيه قاعدا أخذ من تلك النسور نسرا منها عظيم تاج سليمان اسم> عليه السلام فوضعه على رأسه، فإذا وضعه على رأسه استدار الكرسي بما فيه كما تدور الرحى المسرعة.
قال معاوية اسم> -رضي الله عنه- وما الذي يدور به يا أبا إسحاق اسم> قال: تنين من ذهب ذلك الكرسي عليه وهو عظيم مما عمله صخر الجني، فإذا أحست بدورانه تلك النسور والأسد والطواويس التي في أسفل الكرسي إلى أعلاه درن معه فإذا وقف وقفن جميعا كلهن منكسات على رأس سليمان اسم> عليه السلام وهو جالس.
ثم ينفخن جميع ما في أفواههن من المسك والعنبر على رأس سليمان اسم> عليه السلام وهو جالس تتناول حمامة من ذهب واقفة على عمود جوهر التوراة فتجعلها في يده فيقرؤها سليمان اسم> عليه السلام على الناس فإذا قرأها عليهم دعا الناس إلى القضاء وجلس قضاة بني إسرائيل على منابرهم عن يمينه وعن شماله حافين حول كرسيه.
حتى إذا قرب الشهداء للشهادات دار التنين بالكرسي كدور الرحى المسرعة، واستدارت الأسود وخفقت النسور بأجنحتها ونشرت الطواويس أذنابها ففزعت الشهداء وتخوفوا على أنفسهم عندما يرون من السلطان فداخلهم من ذلك رعب شديد.
فيقول بعضهم لبعض: والله لنشهدن بالحق فإنا إن نشهد اليوم بالباطل لنهلكن فكان هذا يا أمير المؤمنين أمر كرسي سليمان بن داود اسم> عليهما السلام وعجائب ما كان فيه .
فلما توفي سليمان اسم> عليه السلام بعث بختنصر اسم> بعده فأخذ ذلك الكرسي معه فحمله إلى أنطاكية اسم> فأراد أن يصعد عليه ولم يكن له علم بالصعود عليه ولا بحاله فلما وضع قدماه على الدرجة رفع الأسد يده اليمنى فضرب بساقه التي في الأرض فدق ساقه .
قال معاوية اسم> -رضي الله عنه- وكيف ذلك يا أبا إسحاق اسم> قال: كعب اسم> -رحمه الله تعالى- كان سليمان بن داود اسم> عليه السلام إذا أراد الصعود وضع قدميه جميعا ثم ثبت بقدميه جميعا.
وإن بختنصر اسم> رفع رجلا ووضع رجلا فضرب الأسد ساقه التي لم يرفعها من الأرض فدقها ورجع بختنصر اسم> -لعنه الله- وحمل إلى منزله فلم يزل يعرج منها حتى مات -لا رحمه الله- وكان الكرسي بأنطاكية اسم> حتى هزم خليفة بختنصر اسم> فنقل الكرسي إلى بابل اسم> فلم يزل ببابل اسم> حتى هلك خليفة بختنصر اسم> -لعنهما الله تعالى- وملك فارس من ملوك الفرس فحمل ذلك الكرسي.
قال معاوية اسم> -رضي الله عنه- وما اسم ذلك الملك قال كان يسمى كداس بن سداس اسم> فحمله من بابل اسم> ورده إلى بيت المقدس اسم> فوضعه تحت الصخرة، فلم ير أحد وقع في يده من تلك الملوك الركوب على كرسي سليمان اسم> عليه السلام بعده ولا القعود عليه ولا يقعد عليه بعد ذلك ولم يدر أين هو ولم ير أحد أثره إلى الساعة.
قال: ذكر نمرود اسم> وعظم سلطانه وعتوه وتمرده رأس> وتسليط الله تعالى أضعف خلقه عليه احتقارا له وتهاونا بشأنه.
قال: حدثنا محمد بن هارون اسم> قال: حدثنا الربيع بن سليمان اسم> قال حدثنا عبد الله بن وهب اسم> قال: حدثنا ابن زيد بن أسلم اسم> في قوله تبارك وتعالى: رسم> أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ قرآن> رسم> قال هو نمرود بن كنعان اسم> وكان بالموصل اسم> والناس يأتونه فإذا دخلوا عليه قال: من ربكم فيقولون أنت فيقول أميروهم.
فلما دخل إبراهيم اسم> -صلى الله عليه وعلى نبينا عليه وسلم تسليما كثيرا- ومعه بعير خرج يمتار لولده فقال فعرضوا كلهم فيقولون من ربك فيقولون أنت فيقولون أميروهم حتى عرض إبراهيم اسم> -عليه السلام- مرتين فقيل من ربك فيقول: ربي الذي يحيى ويميت، قال: أنا أحيي وأميت إن شئت قتلتك وأمتك وإن شئت استحييتك فقال إبراهيم اسم> رسم> فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ قرآن> رسم> فقال أخرجوا هذا عني فلا تميروه شيئا.
فخرج القوم كلهم قد امتاروا وجوالق إبراهيم اسم> -صلى الله على نبينا وعليه وسلم- يصطفقان حتى إذا نظر إلى سواد جبال أهله قال: لو أني ملأت هذين الجوالقين من البطحاء فذهبت بهما قرت أعين صبياني فإذا كان الليل أهرقته قال: فملأهما ثم خيطهما ثم جاء بهما فنزل على الصبيان وفرحوا.
وألقى رأسه في حجر سارة اسم> ساعة ثم قال: ما يحبسني قد جاء إبراهيم اسم> -عليه السلام- لو قد قمت وصنعت له طعاما إلى أن يقوم قال فأخذت وسادة فأدخلتها مكانها وانسلت قليلا قليلا لئلا توقظه فجاءت إلى إحدى الغرارتين ففتحتها فإذا بحواري لم ير مثله عند أحد قط.
فأخذت منه فعجنته وصنعته فلما فرغت أتت توقظ إبراهيم اسم> -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام- جاءته به ووضعته بين يديه فقال أي شيء هذا يا سارة اسم> قالت هذا من جواليقك قال: لقد جئت وما عندنا قليل ولا كثير قال فذهب فنظر إلى الجوالق الآخر فإذا هو مثله فعرف من أين ذلك.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثني أبو الضحاك اسم> قال: حدثنا يونس اسم> قال: حدثنا ابن وهب اسم> قال: حدثنا ابن زيد اسم> قال: بعث الله تبارك وتعالى جبريل اسم> عليه السلام إلى نمرود اسم> فقال له: إن ربك يأمرك أن تعبده ولا تشرك به شيئا فقال: أبرز أنت وصاحبك إن كنت صادقا قال له موعدك بالغداة.
فقال: من أين تأتي جموعكم قال من نحو المشرق قال فذهب يجمع وكان إذا جمع فلم يسل الوادي من أبوال دوابهم غضب ورجع فجمع جمعا لم يجمع مثله فأتاه جبريل اسم> -عليه السلام- فقال له: إن جموع ربك قد أتت قال فأوحى الله -عز وجل- إلى خازن البعوض أن افتح منه بابا فخرج منه مثل السحاب فأوحى الله -عز وجل- إليهم أن كلوهم ودوابهم ولا تقربوه احتبسوه.
قال: فاحتبست الشمس أن تطلع ساعة فقال ما للشمس لا تطلع فقال: حال بينك وبينها جنده الذين بعثهم إليك وما بعث إليك إلا أضعف جند هو له فغشيهم مثل السحاب فما انجلين إلا عن عظام تلوح منهم ومن دوابهم قال: فازداد طغيانا إذ لم يمسه ورجع فنام فأوحى الله -عز وجل- إلى بعوضة أن اقرصي شفته فقرصتها فحكها فطمرت وتورمت.
قال: فدعا الأطباء قالوا: ما لها دواء إلا أن تشقها فشقها فسقطت شقة هاهنا وشقة هاهنا ثم أوحى الله -عز وجل- إليها أن اقرصي شفته العليا فقرصتها فطمرت أيضا وتورمت قال: فدعا الأطباء فقالوا: ما لها دواء إلا أن تصنع ما صنعت بالشفة قال ففعل ذلك.
ثم أوحى الله -عز وجل- إليها أن اقرصي أنفه فقرصته فطمرت أنفه فدعا الأطباء فقالوا: ما نعلم لها دواء إلا أن تشقها قال: فشقها قال: فصار وجهه ستة شقوق ونام فأوحى الله -عز وجل- إليها أن ادخلي فقعي على دماغه وكلي حتى يأتي أمري قال: ففعلت ذلك قال فكان أرحم الناس به الذي يدق فوق رأسه ما استطاع قال: فعمره الله تعالى في ذلك أربعمائة سنة مثل ما ملكه أربعمائة سنة والبعوض في رأسه وكانت تأكل حتى صارت مثل الفأرة العظيمة.
قال في قصة أصحاب موسى اسم> -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- الذين حرم عليهم أن يدخلوا الأرض المقدسة وما خصوا من عظيم قدرة الله -عز وجل- وعظيم شأنه.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح اسم> قال: حدثنا محمد بن رافع اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم اسم> قال: حدثني عبد الصمد اسم> قال: سمعت وهبا اسم> -رحمه الله تعالى- يقول: إن بني إسرائيل لما حرم الله عليهم أن يدخلوا الأرض المقدسة أربعين سنة يتيهون في الأرض شكوا إلى موسى اسم> -عليه السلام-. فقالوا: ما نأكل قال: إن الله سيأتيكم بما تأكلون قالوا: من أين لنا إلا أن أمطر علينا خبزا قال: إن الله ينزل عليكم خبزا مخبوزا فكان ينزل عليهم المن فسئل وهب: اسم> ما المن؟ قال: خبز الرقاق مثل الذرة أو مثل النقي. قالوا: وما نأتدم وهل بد لنا من لحم؟ قال: فإن الله -عز وجل- يأتيكم به.
قالوا: من أين لنا إلا أن تأتينا به الريح؟ قال: فإن الريح تأتيكم به. فكانت الريح تأتيهم بالسلوى فسئل وهب اسم> -رحمه الله تعالى- ما السلوى؟ قال: طير سمين مثل الحمام كان يأيتهم فيأخذون منه سبتا إلى سبت.
قالوا: فما نلبس قال لا يخلق لأحدكم ثوب أربعين سنة قالوا: فما نحتذي قال: لا ينقطع لأحدكم شسع أربعين سنة قالوا: فإنه يولد فينا أولاد فما نكسوهم قال الثوب الصغير على الكبير ليشب معه قالوا: فمن أين لنا الماء قال: يأتيكم به الله تعالى قالوا: من أين لنا إلا أن يخرج من الحجر فأمر الله تعالى موسى اسم> -صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما- أن يضرب بعصاه الحجر قالوا: فبم نبصر فإنه يغشانا الظلمة فضرب لهم عمودا من نور في وسط عسكرهم أضاء عسكرهم كله قالوا: فبم نستظل فإن الشمس علينا شديد قال يظلكم الله بالغمام.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن اسم> قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن علية اسم> قال: حدثنا يزيد بن هارون اسم> قال: أخبرنا فضيل بن مرزوق اسم> عن عطية العوفي اسم> -رحمه الله تعالى- قال: تاهوا في اثني عشر فرسخا أربعين عاما وجعل لهم حجر مثل رأس الثور يحمل على ثور فإذا نزلوا منزلا وضعوه فضربه موسى اسم> -صلى الله على نبينا وعليه وسلم بعصاته فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فإذا ساروا حملوه على ثور واستمسك الماء.
وهذه قصص ورد بعض أصولها في القرآن وبعضها في بعض القصص، ولكن لا ينبغي الجزم بما يذكر في هذه من القصص وفيها من الأشياء التي يبلغها الوهم، لا شك أن لها أصولا ولكن ذكرها بهذه الأخبار يسبب الشك فيها، من ذلك قصة سليمان اسم> فالله تعالى ذكر أنه سخر له ما لم يسخر لغيره.
في قوله تعالى: رسم> وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ قرآن> رسم> يعني أنه يبسط بساطه وترفعه الريح، وتحمله رخاء حيث أصاب فمسيرها أول النهار مسيرة شهر وآخر النهار مسيرة شهر، كذلك أيضا سخر له الشياطين رسم> وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ قرآن> رسم> يعني أنهم ذللهم له شياطين من الجن ومن العفاريت.
رسم> يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ قرآن> رسم> هكذا سخرهم ولما توفي لم يشعروا بوفاته وبقي كأنه قائم معتمد على العصا، وهم يعتقدون أنه حي ولم يزل كذلك عملهم جادين إلى أن أكلت الأرضة العصا التي هو معتمد عليها.
رسم> مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ قرآن> رسم> أي عصاه فلما أكلتها خر فعرفوا أنه قد مات، فتبين أنهم لا يعلمون الغيب رسم> تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ قرآن> رسم> لا شك أن الله تعالى سخر له ما لم يسخر لغيره، وأما ما ذكر في هذه القصص الله أعلم بصحتها.
الله تعالى ذكر له الكرسي.
في قول الله تعالى: رسم> وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ قرآن> رسم> هذا الكرسي يظهر أنه كسائر الكراسي التي يجلس عليها وأن ما ذكر عن كعب الأحبار اسم> من صفة هذا الكرسي ودورانه وأنه من ذهب وأنه له هاتان الصورتان، صورة أسدين أو غيرهما وصورة طيور وأنه تحته أفعى تدور به إلى آخر ما ذكر فيظهر أن هذا ليس بصحيح، وإنما هو كرسي يمكن أنه كرسي من ذهب أو من فضة، وأما هذه الصفة فإنها صفة غريبة يظهر أنها من الأكاذيب التي دخلت في كتب المتأخرين من بني إسرائيل.
وقد اشتهر أن اليهود يدعون أن سليمان اسم> ساحر وأنه سحر الجن حتى سخروا له وسحر الشياطين حتى ذللوا له ولكن الله تعالى ذكر أنه نبي رسم> وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ قرآن> رسم> وقال له: رسم> هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ قرآن> رسم> فالذين اتهموه من اليهود أنه ساحر هؤلاء كذبة، إنما الله تعالى سخرهم له وذللهم له، والذين بالغوا في ذلك كما في هذه القصة هؤلاء أيضا قد زادوا وقد غلوا وأتوا بما ليس بصحيح، إنما هو نبي من أنبياء الله تعالى اعترف بفضل الله وشكر الله على ما أعطاه : رسم> وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ قرآن> رسم> ورثه في ملكه الذي آتاه الله فإن الله تعالى قد ذكر أن داود اسم> آتاه الله الملك كما في قول الله تعالى: رسم> وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ قرآن> رسم> رسم> وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ قرآن> رسم> فآتى الله تعالى داود اسم> ملكا وسخر معه ما سخر، وقال للجبال أوبي معه رسم> يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ قرآن> رسم> أي سبحي معه، وكذلك الطير سخرها أيضا فكانت تسبح معه، وسخر أيضا لسليمان اسم> الطير فكانت تصف حوله، وذلك من آيات الله وكانت أيضا تظله فسخر له الريح وسخر له الطير بحيث إنه يتفقدها ويعلمها.
وأما قصة الجسد فذكر بعض المفسرين أن ملك سليمان اسم> كان متمثلا في خاتم يلبسه، وأنه بهذا الخاتم كانت تعكف حوله الشياطين وكانت تدور حوله الطير، وأنه خلع مرة خاتمه وأعطاه إحدى جواريه وتلك الجارية جاءها شيطان في صورته في صورة سليمان اسم> فأخذ الخاتم، فلما أخذه صفت عليه الطيور وقامت عليه الشياطين لاعتقاد أنه سليمان اسم> فجاء سليمان اسم> وقال: أعطوني خاتمي فقالت قد أخذته لست بسليمان اسم> إلى آخر القصة، وذكر أنه لما عرف بأنه شيطان نزع الخاتم وألقاه في البحر فرده الله تعالى إلى سليمان اسم> ورد عليه ملكه.
وبكل حال هذا يمكن أن يكون له أصل، وأما سعة الكرسي فهذا أيضا لم يكن عليه دليل، وأما قول الله تعالى: رسم> إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ قرآن> رسم> فالصافنات هي الخيل، ذكر بعض المفسرين أنه مرة استعرضها وأخذت تعرض عليه في العشي فانشغل عن أوراده وانشغل عن الأدعية التي كان يدعو بها في ذلك المساء فقال: رسم> رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ قرآن> رسم> أي طفق يضرب أعناقها ويضرب سوقها لأنها شغلته عن ذكر الله تعالى فعوضه الله تعالى بالريح، سخر له بعد ذلك هذه الريح ولكن أنكر ذلك بعض العلماء، وقالوا: كيف يقتلها وهي لا ذنب لها ولو كانت ملكه فإن في هذا إفسادا لماليتها؛ وفسروها بأنها طفق مسحا بالسوق والأعناق أنها لما ردت إليه جعل يمسح سوقها يعني قوائمها ويمسح أعناقها بيده ويدعو لها وهذا هو الأقرب لا أنه أمر بقتلها، وقد ذكر الله تعالى أنه منَّ عليه فهو أنه قال: رسم> هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ قرآن> رسم> فنقول: إن هذا هو الحق يعني الذي ثبت في قصته وأن ما زاد على ذلك فليس بصحيح.
مسألة>