القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
فتاوى الصيام
143764 مشاهدة
ترديد آيات الرحمة وآيات العذاب

س179: بعض أئمة المساجد يرددون آيات الرحمة وآيات العذاب ثلاث مرات أو أربع مرات أو أكثر؛ بقصد الخشوع وإبكاء المصلين، فما مدى موافقة ذلك للسنة؟ وهل أثر عن السلف؟ وهل كانوا يقتصرون على البكاء في آيات الجنة والنار، أم الدليل يفيد ما هو أعم من ذلك؟ وما هي نصيحتكم للأشخاص الذين يبكون عند الدعاء ولا يبكون عند سماع الآيات؟
الجواب: يجوز ترديد الآية للتدبر. قال النووي في التبيان: عن أبي ذر قال: قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بآية حتى أصبح، والآية: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ [سورة المائدة، الآية 118]. وعن تميم الداري: أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [سورة الجاثية، الآية 21].
وذكر أن أسماء -رضي الله عنها- كررت قوله -تعالى- فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ [سورة الطور، الآية 27]. طويلا.
وردد ابن مسعود: رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [سورة طه الآية :114]. وردد سعيد بن جبير: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [سورة البقرة الآية 281]. وردد أيضا: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ [سورة غافر، الآيتان 70 ، 71]. وردد أيضا: مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [سورة الانفطار الآية 6]. وكان الضحاك إذا تلا قوله -تعالى- لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [سورة الزمر، الآية 16]. رددها إلى السَّحر. ا. هـ.
ومن هذه الآثار يعلم أن القارئ يردد هذه الآيات الوعظية لتأثره بها، وليس لتأثيرها في غيره. ولكن لا مانع من الأمرين.
وأما البكاء عند سماع القرآن فهو صفة العارفين وشعار الصالحين، كما قال -تعالى- وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [سورة الإسراء، الآية 109]. وقد ورد في الحديث: اقرءوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا وكان عمر -رضي الله عنه- إذا قرأ في الصلاة يبكي حتى تسيل دموعه على ترقوته، ويسمع بكاؤه من وراء الصفوف.
وثبت في الصحيحين: أن ابن مسعود قرأ على النبي -صلى الله عليه وسلم- من سورة النساء إلى قوله -تعالى- فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [سورة النساء، الآية 41]. قال: حسبك الآن. قال: فالتفت إليه فإذا عيناه تزرفان .
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كثير البكاء، وكان في خديه خطان من البكاء. وقال أبو رجاء: رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع.
والآثار في هذا كثيرة يعلم منها أن بكاء السلف كان عند سماع القرآن، ولكن كانوا -أيضا- يبكون عند سماع المواعظ؛ ففي حديث العرباض: قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ... الحديث.
فينبغي الخشوع والبكاء والتباكي عند سماع آيات التخويف وآيات العذاب وكذا عن المواعظ التي تشتمل على تذكير وتنبيه، سواء كانت من الأدعية أو الأدلة، وينبغي أن يعلم أن البكاء هو أثر الخشوع وحضور القلب، وأثر التفكر والتأمل لما يسمعه من الآيات التي تتعلق بالآخرة، سواء في ذكر الجنة والنار، أو ذكر الموت وما بعده، أو ذكر العقوبات والمثلات الدنيوية، وكذا ما تشتمل عليه الأدعية في القنوت، أو غيره من ذكر الرغبة والرهبة والإلحاح في الطلب؛ فمتى أحضر السامع قلبه وتدبر معاني ذلك رق قلبه ودمعت عيناه، وليس ذلك خاص بدعاء القنوت، بل يعم كل ما اشتمل على الوعظ والتخويف من المسموعات والمرئيات. والله المستعان.