فتاوى الصيام
ترديد آيات الرحمة وآيات العذاب
س179: بعض أئمة المساجد يرددون آيات الرحمة وآيات العذاب ثلاث مرات أو أربع مرات أو أكثر؛ بقصد الخشوع وإبكاء المصلين، فما مدى موافقة ذلك للسنة؟ وهل أثر عن السلف؟ وهل كانوا يقتصرون على البكاء في آيات الجنة والنار، أم الدليل يفيد ما هو أعم من ذلك؟ وما هي نصيحتكم للأشخاص الذين يبكون عند الدعاء ولا يبكون عند سماع الآيات؟
سؤال> الجواب: يجوز ترديد الآية للتدبر. قال النووي اسم> في التبيان: عن أبي ذر اسم> قال: رسم> قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بآية حتى أصبح، والآية: رسم> إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ قرآن> رسم> [سورة المائدة، الآية 118]. آية> متن_ح> رسم> وعن تميم الداري: اسم> رسم> أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: رسم> أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قرآن> رسم> رسم> [سورة الجاثية، الآية 21]. آية>
وذكر أن أسماء اسم> -رضي الله عنها- كررت قوله -تعالى- رسم> فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ قرآن> رسم> [سورة الطور، الآية 27]. آية> طويلا.
وردد ابن مسعود: اسم> رسم> رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا قرآن> رسم> [سورة طه الآية :114]. آية> وردد سعيد بن جبير: اسم> رسم> وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ قرآن> رسم> [سورة البقرة الآية 281]. آية> وردد أيضا: رسم> فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ قرآن> رسم> [سورة غافر، الآيتان 70 ، 71]. آية> وردد أيضا: رسم> مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ قرآن> رسم> [سورة الانفطار الآية 6]. آية> وكان الضحاك اسم> إذا تلا قوله -تعالى- رسم> لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ قرآن> رسم> [سورة الزمر، الآية 16]. آية> رددها إلى السَّحر. ا. هـ.
ومن هذه الآثار يعلم أن القارئ يردد هذه الآيات الوعظية لتأثره بها، وليس لتأثيرها في غيره. ولكن لا مانع من الأمرين.
وأما البكاء عند سماع القرآن فهو صفة العارفين وشعار الصالحين، كما قال -تعالى- رسم> وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا قرآن> رسم> [سورة الإسراء، الآية 109]. آية> وقد ورد في الحديث: رسم> اقرءوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا متن_ح> رسم> وكان عمر اسم> -رضي الله عنه- إذا قرأ في الصلاة يبكي حتى تسيل دموعه على ترقوته، ويسمع بكاؤه من وراء الصفوف.
وثبت في الصحيحين: رسم> أن ابن مسعود اسم> قرأ على النبي -صلى الله عليه وسلم- من سورة النساء إلى قوله -تعالى- رسم> فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا قرآن> رسم> [سورة النساء، الآية 41]. آية> قال: حسبك الآن. قال: فالتفت إليه فإذا عيناه تزرفان متن_ح> رسم> .
وكان عمر بن الخطاب اسم> -رضي الله عنه- كثير البكاء، وكان في خديه خطان من البكاء. وقال أبو رجاء: اسم> رأيت ابن عباس اسم> وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع.
والآثار في هذا كثيرة يعلم منها أن بكاء السلف كان عند سماع القرآن، ولكن كانوا -أيضا- يبكون عند سماع المواعظ؛ ففي حديث العرباض: اسم> قال: رسم> وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ... متن_ح> رسم> الحديث.
فينبغي الخشوع والبكاء والتباكي عند سماع آيات التخويف وآيات العذاب رأس> وكذا عن المواعظ التي تشتمل على تذكير وتنبيه، سواء كانت من الأدعية أو الأدلة، وينبغي أن يعلم أن البكاء هو أثر الخشوع وحضور القلب، وأثر التفكر والتأمل لما يسمعه من الآيات التي تتعلق بالآخرة، سواء في ذكر الجنة والنار، أو ذكر الموت وما بعده، أو ذكر العقوبات والمثلات الدنيوية، وكذا ما تشتمل عليه الأدعية في القنوت، أو غيره من ذكر الرغبة والرهبة والإلحاح في الطلب؛ فمتى أحضر السامع قلبه وتدبر معاني ذلك رق قلبه ودمعت عيناه، وليس ذلك خاص بدعاء القنوت، بل يعم كل ما اشتمل على الوعظ والتخويف من المسموعات والمرئيات. والله المستعان.
مسألة>