تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
الكنز الثمين
123484 مشاهدة print word pdf
line-top
إعطاء المسألة والنصرة لله وحده

رابعا : يجب إعطاء المسألة والنصرة لله وحده.
ثم قال الكاتب في السطر السادس عشر:
[فمن اعتقد أن مدد الرسول انقطع لانتقاله إلى الرفيق الأعلى، فقد أساء الأدب مع الرسول، ويخشى عليه الموت على الكفر والعياذ بالله تعالى].
جوابه:
أن يناقش عن مدد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته وبعد مماته.
فإن أراد بمدده دلالته على الخير وإرشاده للأمة، وإيضاحه للحق والهدى، وتبليغه لما أرسل به، وبيانه لعلوم الشريعة أكمل بيان، فهذا لم ينقطع بموته، فإن الأمة لا تزال تستضيئ بأنوار هدايته وتسير على النهج الذي رسمه لها، وتستمد من سنته ما يوضح لها طرق الهدى، فمن صد عن سنته وأعرض عنها فهو أضل من حمار أهله.
أما إن أراد بمدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوائد اتباعه، وآثار الاقتداء بسنته، وبركات العمل بشريعته، فهذا أيضا لم ينقطع بموته، فنحن نعتقد أن من سار على نهجه واقتفى طريقه حصلت له البركات، وأمده الله بفضله وعطائه، وانتفع في هذه الحياة بنتائج هذا الاتباع كسائر الأعمال الصالحة، فإن العمل الصالح سبب في كثرة الخير، وحلول البركة، وسعة الرزق، وطيب الحياة، ورغد العيش، والنصر على الأعداء، وحصول العلم والفهم والفتح من الله، والإلهام والتوفيق لعمل الصالحات، والحفظ عن المنكرات، لكن لا يضاف المدد إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا حيث إنه ببركة اتباعه، وإلا فالله هو الذي يمد العاملين، ويعطيهم ويتفضل عليهم، لأنه تعالى مالك الملك وبيده النفع والضر، والعطاء والمنع، والخفض والرفع.
فإن أراد هذا الكاتب بمدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- إعطاءه لمن سأله، ونصره لمن استنصر به، وإجابته لمن دعاه ونحو ذلك، فمثل هذا لا يملكه الرسول - صلى الله عليه وسلم- لا في حياته ولا بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، بل هو إلى الله تعالى، كما قدمنا بعض الأدلة على ذلك، كقوله تعالى: قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا . قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا . وقوله: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ . وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأقاربه: أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا . وقوله في حديث الغلول: لا أغني عنك من الله شيئا قد أبلغتك .
فإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يملك جنس هذا المدد في حياته، فهكذا لا يملكه بعد مماته، بل لا يملكه أحد من خلق الله، لا مَلكٌ مقرب، ولا نبي مرسل، فضلا عن غيرهما، فمن اعتقد أنه - صلى الله عليه وسلم - يمد من سأله، ويعطي من طلبه، وينفع من دعاه مع الله، فقد جعله لله ندا وصرف له خالص حق الله، وهذا النوع من الإمداد هو مراد هذا الكاتب وأضرابه، وغاب عنهم أن الصحابة ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يعتقدوا هذا الاعتقاد، ولم يفعلوا معه ما يدل عليه، فلو كانوا يعتقدون فيه هذا النوع لتهافتوا إلى قبره يطلبون منه المدد والإعطاء، فكم نزلت بهم من مصيبة؟! وكم وقعت من فتنة؛ كوقعة الحرة ونحوها؟! وكم سلط عليهم الأعداء؟! ولم يحفظ أنهم جاءوا إلى القبر مستنصرين، ولا فزعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلين: المدد يا رسول الله!! ولو كان هذا اعتقادهم لتوافدوا إلى قبره أفواجا، وأقبلوا إليه من كل حدب وصوب زرافات ووحدانا، فلما لم يفعلوا عُرف أن هذا الاعتقاد إنما هو من بدع المتأخرين؛ حيث أوقعهم الشيطان في ذلك الاعتقاد السيئ، ونتائجه الشركية، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
ولقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يطلبون منه الدعاء في حياته بالغيث، وإنزال المطر، ورفع العذاب، وبالمغفرة والجنة، وبسعة الرزق، وطيب الحياة، فيدعو الله لهم ويجيب الله دعوته؛ لكرامته عليه، ولفضله وشرفه، وليكون ذلك من جملة معجزاته، فأما بعد موته فلم يطلبوا منه شيئا من ذلك أبدا، بل لما قحطوا عام الرمادة توسلوا بعمه العباس رضي الله عنه ؛ لشرفه وكبر سنه وقرابته من النبي -صلى الله عليه وسلم- فطلبوا من الله أن يجيب دعوته لهم لأنه حي موجود بينهم، ولم يتوسلوا بالنبي لله؛ لأنهم عرفوا عدم جواز ذلك، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


line-bottom