اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
الكنز الثمين
123480 مشاهدة print word pdf
line-top
أنه -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب

ثانيا : أنه -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب
وإنما يخبر بما أخبره الله به وأوحاه إليه، قال الله تعالى: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ .
وقال تعالى: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ .
وقال تعالى: وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ .
فالغيب لا يعلمه إلا الله تعالى ، وإنما يظهر بعض خلقه على شيء من ذلك كمعجزة وبرهان على صدقه، كما قال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا .

أي أنه تعالى يطلع من ارتضاه، وهم رسله، على أمور من الغيب مما سبق أو مما يأتي، ولا ينافي ذلك قوله تعالى : قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ .
فإن ما وقع من الإخبار في الأحاديث عن الأمور المستقبلة، هو من الوحي الذي أطلع الله عليه رسوله - صلى الله عليه وسلم - بواسطة الرسول الملكي، أو بما فتح الله عليه وألهمه، ومتى كان هذا وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن قبله من الرسل، لم يصلح أن يصرف لهم شيء من حق الله الذي هو عبادته وحده، ولا أن يوصفوا بما اختص به الرب تعالى، فقد أنكر - صلى الله عليه وسلم - على الجاريتين اللتين عند الربيع بنت معوذ قولهما: وفينا نبي يعلم ما في غد رواه الترمذي .
وقالت عائشة -رضي الله عنها- من حدثك أن محمدا يعلم ما غد فلا تصدقه رواه البخاري .
وورد في حديث جبريل -عليه السلام- لما سأل عن الساعة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما المسئول عنها بأعلم من السائل وسأحدثك عن أماراتها: إذا ولدت الأمة ربها، وإذا رأيت الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، في خمس لا يعلمهن إلا الله ثم قرأ: إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت متفق عليه .
وهذه الخمس هي مفاتح الغيب المذكورة في قوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ فمن ادعى العلم بشيء منها أو نسبه إلى بشر، فهو كاذب.

line-bottom