شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
الكنز الثمين
130828 مشاهدة print word pdf
line-top
شطحات شنيعة بعضها من أعظم الكفر وأشنعه

ثم قال الكاتب:
[قال الإمام الأكبر، محي الدين ابن العربي -رضي الله عنه- من لم يأخذ الطريق عن الرجال، فهو ينقل من محال إلى محال].
نقول:
لا عبرة بالقائل ولا بما قال، فإن ابن عربي هذا مشهور بأنه اتحادي، يقول باتحاد الخالق والمخلوق، وهو أعظم الكفر وأشنعه، وقد صرح بذلك في كتابيه: (فصوص الحكم) و (الفتوحات المكية) وغيرهما من مخالفة الرسل صريحا، ومدح الكفار والمشركين، وتصويب ما هم عليه.
وقد نقل عنه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (11-240) تعقبه للجنيد بن محمد -رحمه الله- في قوله: التوحيد إفراد الحدوث عن القدم، فأنكر عليه ابن عربي وقال في مخاطبته الخيالية الشيطانية: يا جنيد، وهل يميز بين المحدث والقديم إلا من يكون غيرهما؟ كذا قال؛ لأن عقيدته أن وجود المحدث هو عين وجود القديم، كما قال في فصوصه: ومن أسمائه الحسنى العلي، على من؟ وما ثمَّ إلا هو، وعن ماذا؟ وما هو إلا هو، فعلوُّه لنفسه وهو عين الموجودات، فالمسمى محدثات هي العليّة لذاته وليست إلا هو ... إلى أن قال: هو عين ما بطن، وهو عين ما ظهر، وما ثَمَّ من يراه غيره، وما ثمَّ من ينطق عنه سواه، وهو المسمى أبو سعيد الخراز، وغير ذلك من الأسماء المحدثات.
ثم ذُكِرَ أن التلمساني لما قُرئ عليه الفصوص فقيل له: القرآن يخالف فصوصكم، فقال: القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا. فقيل له: فإذا كان الوجود واحدا، فلم كانت الزوجة حلالا والأخت حراما؟ فقال: الكل عندنا حلال، ولكن هؤلاء المحجوبون قالوا: حرام، فقلنا: حرام عليكم.
ونقل شيخ الإسلام في المجموع (2-121) عن صاحب الفصوص -وهو ابن عربي المذكور- قوله: إن آدم -عليه السلام- إنما سُمِّي إنسانا لأنه للحق تعالى بمنزلة إنسان العين من العين، وهذا يقتضي أن آدم جزء من الحق تعالى وتقدس، وبعضا منه، وأنه أفضل أجزائه، وأبعاضه.
وهكذا قال في الفصوص: إن الحق المنزه هو الحق المشبه، فالأمر الخالق المخلوق، والأمر المخلوق الخالق، كل ذلك من عين واحدة، لا، بل هو العين الواحدة، وهو العيون الكثيرة .. إلخ.
وفي كلامه من أمثال هذا الكفر الصريح ما لا يحد ولا يوصف، وقد تعقبه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (2-204-284)وغيره، فكيف يوصف مع ذلك بأنه الإمام الأكبر، وبأنه يحيي الدين؟! وقد انخدع بكلامه الجم الغفير، واعتقدوا أنه آجر الأولياء وأرقاهم منزلة، وأرفعهم قدرا، وإنما تفطن له وعرف ما في كلامه من الكفر والضلال أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية، الذي تحقق عقيدته، وعرف مواضع أخطائه أو تصريحاته في مؤلفاته، وناقشه في كل ذلك، وبين تناقضه وتهافته في كلامه، وذلك في مواضع كثيرة من مجموع الفتاوى وغيره.
فأما قوله: [من لم يأخذ الطريق من الرجال ... إلخ]. فمراده بالطريق مسلك الصوفية، وهو العبادات القلبية أو الأسرار الرمزية، كنوع من اللباس، أو إشارات بينهم يتناقلونها، ويتلقاها الصغير عن الكبير بأسانيد كأسانيد الأحاديث، والمؤلفات.
فيقول أحدهم: أخذت الطريق عن فلان، وأخذها هو عن فلان، حتى تتصل بأكابرهم: كالجيلاني، أو الحلاج، ونحوهما، ولا يكتفون بما عليه المسلمون من تلقي الشريعة من الكتاب الكريم، والسنة المطهرة، فالطريق عندهم مسلك مغاير لمسلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، وأئمة المسلمين، وقد اشتهروا بتسميتهم أهل الطرق أو الطرقية، ولا أستحضر شيئا عن تفاصيل طرقهم ورموزهم، ولكني أعتقد أنها خيالية لا يصح الركون إليها؛ لكونهم يؤثرونها على الشرع، ويستغنون بالعمل بها عمّا عليه في ذمهم، وبيان شيء من أحوالهم، ومنها قول ذلك الناظم -رحمه الله-
إن قلت قـال الله قـال رســـولُه همزوك همـز المنكـر المتغالـي
أو قلت قـد قال صحابه مـن بعده فالكـل عنـدهـم كشبـه خيـال
ويقول قلبي قـال لـي عـن سره عـن سـر سري عن صفا أحوالي
عن حضرتي عن فكرتي عن خلوتي عن شاهدي عن واردي عن حالي
عن صفو وقتي عن حقيقة مشهدي عـن سر ذاتي عـن صفات فعالي
دعــوى إذا حققتهـا ألفيتهــا ألقـاب زور لفقــت بمحــالي
فهذه حقائق الطرق التي يتبجحون بها هم ومريدوهم، أمثال هذا الكاتب، الذي انتحل هذه المناهج المبتدعة، وتحامل على أهل التوحيد، ورغّب في وسائل الشرك في مذكرته هذه.

line-bottom