اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
الكنز الثمين
91766 مشاهدة
وساوس الشيطان في الأمور الغيبية

وسئل فضيلة الشيخ:
في بعض الأحيان يأتي الشيطان للإنسان، ويوسوس في نفسه في ذات الله وفي آياته الكونية، فما الذي ينبغي على الإنسان فعله حيال ذلك؟ فأجاب:
سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه؟! قالوا: نعم! قال: ذاك صريح الإيمان .
وفيه أيضا عن عبد الله بن مسعود قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوسوسة، قال: تلك محض الإيمان .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله، فمن خلق الله؟! فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله .

وعنه أيضا، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟! فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته .
وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الخلق؟ فإذا أحس أحدكم بشيء من ذلك، فليقل: آمنت بالله ورُسُلِهِ .
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء، لأن يكون حممةً أحبَّ إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة .
ففي هذه الأحاديث وغيرها بيان أن هذه الأفكار التي قد تطرأ على الإنسان في الأمور الغيبية، أنها وسوسة من الشيطان ليوقعه في الشكوالحيرة والعياذ بالله.

ثم إن الإنسان إذا وقع في مثل ذلك فعليه أمور؛ كما أرشدنا إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك:
1- الاستعاذة بالله.
2- الانتهاء عن ذلك، والانتهاء معناه قطع هذه الوسوسة.
3- أن يقول: آمنت بالله وفي رواية: آمنت بالله ورسله.
فإذا خطرت لك وسوسة في ذات الله، أو في قدم العالم، أو في عدم نهايته، أو في أمور البعث، واستحالة ذلك، أو في بيان الثواب والعقاب أو ما أشبه ذلك.. فعليك أن تؤمن إيمانًا مجملًا، فالنصوص تقول: آمنت بالله، وبما جاء عن الله، وعلى مراد الله.. آمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله.وعلى مراد رسول الله، وما علمت منه أقول به، وما جهلت أتوقف فيه وأكل علمه إلى الله.
ولا شك أن هذه الوساوس متى تمادى فيها العبد جرّت إلى الحيرة، أو إلى الشك، وهذا مقصد الشيطان.
أما الذي يتمادى مع هذه الوسوسة يقع في الشك، ثم في الحيرة، ثم يتخلى في النهاية عن أمور العبادة، وأما إذا قطعها منذ المرة الأولى، فإنها تنقطع -إن شاء الله- مع كثرة الاستعاذة من الشيطان، وكثرة دحر الشيطان، لأن هذا من كيْده ليوسوس به الإنسان حتى يشككه في إيمانه ودينه.