عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
الكنز الثمين
91712 مشاهدة
تعريف الصوفية وبيان معتقداتهم

تعرض هذا الكاتب للمدح والإطراء في حق الصوفية وكأنه أراد بذلك الرد على أئمة الدعوة في إنكارهم على أهل الطرق والأحوال، أو اعتقد أنهم ينكرون على الصوفية ويمقتونهم، أو أراد بالثناء عليهم أن فيهم الأولياء والأصفياء، الذين وصلوا إلى حضرة القُدُس واتصلوا بالملأ الأعلى؛ فاستحقوا لذلك أن نتوسل بهم وندعوهم من دون الله، كما يفعل المشركون مع الجيلاني والبدوي ونحوهما.
ونحن نقول: إن الصوفية أصلا هم الزهاد في الدنيا، والمشتغلون بالعبادة، وكانوا في الزمن الأول يرتدون الصوف الخشن من باب التقشف فعرفوا بهذا الاسم: كإبراهيم بن أدهم، وبشر الحافي، وإبراهيم الخواص، والجنيد بن محمد، ونحوهم، وكان أولئك يعبدون الله على علم وبصيرة، فيحافظون على الجماعات، ويبتعدون عن المحرمات، ويسارعون في الخيرات، ولم يكن عندهم شيء من البدع ولا الخرافات، ثم جاء بعدهم من تسمى باسم الصوفية وانتحل مذهبا خاصا، وأصبح الصوفية أهل نحلة وطريقة مستقلة، وابتعدوا عن العلم والعلماء، واعتمدوا على الأذواق والمواجيد، فدخلت عليهم بدع وخرافات في المعتقد، وفي العمل: كالسماع، والرقص، والتواجد، وصحبة الأحداث، والزهد في المباحات، وتأليم النفس ونحو ذلك، وقد ناقشها ورد عليهم فيها الشيخ ابن الجوزي في كتابه (تلبيس إبليس) وغيره.
ثم جاء بعدهم من تسمى بالتصوف أيضا، وغلا حتى تدخل في الربوبية، واعتقد أن الوجود واحد بالعين، وأنكر الفرق بين الخلق والخالق، وهم المسمون بالاتحاديين الحلوليين وأهل وحدة الوجود، وقولهم من أشنع الأقوال، وكفرهم أوضح من كفر اليهود والنصارى، فمنهم من أفصح عما يكنه، وأعلن معتقده كالحلاج، فحكم بكفره أهل زمانه، وأفتوا بقتله فقتل، ومنهم من يتستر ويخفي معتقده، ولكنه يظهر للمتمعن والمتفطن في كلامه، أمثال: ابن عربي، وابن سبعين، وابن الفارض، ونحوهم.
وهذا المعتقد الكفري قد تمكن وفشا القول به زمن شيخ الإسلام ابن تيمية، فرد على أهله ضمن رسائل مطبوعة في المجلد الثاني من مجموع فتاوى شيخ الإسلام، وله رسائل كثيرة في حقيقة التصوف والسلوك في المجلدين العاشر والحادي عشر، ومن هذا التقديم الموجز يعرف أنه لا يجوز إطلاق الذم ولا المدح للصوفية، بل يعطى كل منهم حكمه.

أما الصوفية في هذا الزمان ومنهم من يعرفون بالتيجانية وغيرهم، فإنهم قد انتحلوا طرقا، وصارت لهم مقامات وخواص تصادم الأدلة؛ حيث يعتقدون في أوليائهم الأقدمية على الرسل الكرام، ويزعمون أن الولي يأخذ عن الله بلا واسطة، ويرجعون إلى أقوال مقدميهم، ويحكمونهم في الأنفس والأزواج والأموال، ويعتقدون فيهم العصمة وملكية التصرف، ونحو ذلك من الاعتقادات السيئة، فما داموا كذلك فهم مجانبون للصواب، ومحادون لله ورسوله، فلا نعرف لهم فضلا ولا كرامة.