شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
55711 مشاهدة
قول عمر بن عبد العزيز في هذا الباب

ص (وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلاما معناه: قف حيث وقف القوم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، ولهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى؛ فلئن قلتم: حدث بعدهم؟ فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم، وقد وصفوا منه ما يشفي، وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم محسر، وما دونهم مقصر، لقد قصر عنهم قوم فجفوا، وتجاوزهم آخرون فغلوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم).



س18 (أ) من يريد بالقوم المذكورين . (ب) وما وقوفهم عن علم . (جـ) وعن أي شيء كفوا . (د) وما مراده بالبصر النافذ. (هـ) وما مرجع الضمير في كشفها . (و) وما مراد من قال: حدث بعدهم . (ز) وما وصفهم وكلامهم بما يشفي ويكفي . (ح) وما المحسر والمقصر والجافي والغالي ؟
جـ18 (أ) هذا كلام جليل قدره، يدل على قوة المعرفة بالله، وبدينه، وبحملة الدين، ففيه الأمر بالتمسك بالسنة، واتباع طريق السابقين الأولين، وفيه النهي عن الخوض في الدين بغير علم سواء في العقائد أو في العبادات ؛ ومراده بالقوم الصحابة، وعلماء التابعين .
(ب) ووقوفهم هو تركهم الخوض في المتشابه، ونهيهم عن السؤال والبحث في أمور الغيب بمجرد الظن والتخمين، وقد ابتلي بهذا أهل الكلام حتى صار من أسباب خطئهم وضلالهم، فالصحابة والتابعون وقفوا عن علم، حيث علموا ما في البحث عنها من خطر وعلموا قصر الإنسان، وضعفه عن إدراك أمور الغيب، وعلموا أنما يهمهم معرفة أمور العبادات والأعمال .
(جـ) وقوله: كفوا . أي صدوا ومالوا عن الكلام فيما لا يعنيهم، وما حجبوا عنه .
(د) ومراده بالبصر البصيرة ؛ وهي نظر القلب، والنافذ الثاقب القاطع للمبصرات، أي أن السلف كفوا عن الخوض في البدع والكلام، وما لم يطلعهم الله عليه وكان انكفافهم عن بصيرة ويقين، لا عن ظن وتخمين .
(هـ) (ولهم على كشفها) أي كشف الأمور المبتدعة، كالقدر، والإرجاء، والتعطيل للصفات ونحوها، واللام قبل الضمير موطئة للقسم . أي هم أقدر وأقوى على إظهارها، وكشف معانيها، وأحرى بذلك، وأحق بالحصول عليه لو كان فيه فضل، فلما كفوا عنها مع قدرتهم دل على أن لا خير في بحثها، فالوقوف حيث وقفوا أولى بمن أراد نجاة نفسه .
(و) فإن قيل: إنها تجددت بعدهم، وأنهم لم يتوسعوا في العلم، ولو بحثت في وقتهم وظهرت لتكلموا فيها ؛ فالجواب أن الذين أحدثوها لا يقاسون بالصحابة، ولا يدانونهم في العلم ولا في الفضل، وإحداثهم لهذه البدع دليل على أنهم قد زاغوا عن السبيل، وخالفوا هدي الصحابة، رغبة عن سنتهم، ورضوا لأنفسهم أن يسلكوا غير سبيلهم وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء] .
(ز) (وقد وصفوا منه ما يشفي وتكلموا منه بما يكفي) أي لم يخف عليهم هذا الأمر الذي قيل إنه متجدد بعدهم، بل قد علموه، ولكنهم سكتوا عما لا يعنيهم، واشتغلوا بما لهم فيه فائدة، فوضحوه وتكلموا بما فيه الكفاية لمن أراد الله هدايته، وتكلموا أيضا في تلك الأمور المبتدعة، فنهوا عن الخوض في القدر، وحذروا من القدرية، والخوارج، والمعطلة ونحوهم .
(ح) (فما فوقهم محسر) أي من تجاوزهم وتكلم بما سكتوا عنه حسر وعجز، وانتهى إلى الحيرة والشك، كما حدث لبعض كبار المتكلمين، ومن تجاهل علمهم وترك ما بحثوا فيه فهو مقصر أي ناقص المعرفة .
والجفاء هو التنقص والاحتقار للدين، وذلك فيمن ترك شيئا من علومه الواجبة، والغلو هو مجاوزة الحد، كالتدخل فيما لا يعني الإنسان، وخير الأمور أوساطها، وهو الصراط المستقيم.