شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
رؤية المؤمنين لله في الجنة
...............................................................................
وأما قوله:
والمؤمنون يرون حقا ربهم | وإلى السماء بغير كيف ينزل |
لا شك أن هذا نظر صريح، ودليل واضح أنها تلك الوجوه التي في غاية الإشراق وفي غاية الإنارة لقَّاهم نضرة وسرورا كانت سببا في رؤيتهم. لما نظروا إلى الله تعالى أشرقت وجوههم.
ومن ذلك أيضا فسر قول الله تعالى: رسم> لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ قرآن> رسم> الزيادة هي النظر إلى وجه الله تعالى. للذين أحسنوا الحسنى يعني: الجنة، وزيادة يعني: النظر إلى وجه الله تعالى، ولا يرهق وجوههم إذا دام النظر إلى ربهم قتر. ليس مثل الكفار في قول الله تعالى: رسم> وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ قرآن> رسم> رسم> وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ قرآن> رسم> يعني: ظلمة أو وحشة؛ بل وجوههم تشرق وتضيء إذا نظروا إلى ربهم، وكذلك قول الله تعالى: رسم> لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ قرآن> رسم> دليل على أنهم يرون ربهم، فُسِّرَ المزيد بأنه النظر إلى وجه الله تعالى.
وكذلك الشافعي اسم> -رحمه الله- سُئل عن دليل النظر إلى الله تعالى فقال: قول الله عز وجل: رسم> كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ قرآن> رسم> وذلك لأنه أخبر بأن الكفار محجوبون عن الله فيدل على أن المؤمنين ليسوا بمحجوبين، ولو كانوا لا ينظرون إلى الله لكانوا محجوبين، فلا يكون هناك فرق بين المؤمنين والكفار، فلما حَجَبَ الكفار في غاية الغضب دل على أنه لا يحجب المؤمنين في غاية الرضا.
كذلك يعني: آيات اللقاء في قوله تعالى: رسم> فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ قرآن> رسم> اللقاء عند العرب هو المعاينة أي: نظره إلى ربه، والأدلة كثيرة من السنة أحاديث كثيرة قد تزيد عن عشرين صحابيا أو ثلاثين أوردها ابن القيم اسم> -رحمه الله- في كتابه الذي هو (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح)، وأوردها الشيخ حافظ الحكمي اسم> -رحمه الله- في كتابه معارج القبول، وهي صريحة. من أصرحها حديث جرير اسم> أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نظر مرة إلى القمر في ليلة أربعة عشر فقال: رسم> إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته متن_ح> رسم> وحديث عن أبي هريرة اسم> وأبي سعيد اسم> رسم> أن ناسا قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ هل نرى ربنا في الجنة؟ قال: هل تضامون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا. قال: هل تضامون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم ترونه كذلك متن_ح> رسم> .
وذكروا الحديث بطوله مروي في الصحيحين، وكذلك حديث أبي موسى اسم> أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن متن_ح> رسم> صريح في أنه ما بينه وبين أن ينظروا إليه إلا هذا الرداء؛ رداء الكبرياء، فإذا كشفه فإنهم ينظرون إليه. رسم> وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن متن_ح> رسم> ورؤيتهم لله تعالى هي غاية لذتهم، وهي غاية نعيمهم. إذا نظروا إلى ربهم لم يلتفتوا إلى شيء حتى يحتجب عنهم.
مسألة>