لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
الكنز الثمين
123516 مشاهدة print word pdf
line-top
الأدلة على وجوب التوحيد والنهي عن الشرك ووسائله

سادس عشر : الأدلة على وجوب التوحيد والنهي عن الشرك ووسائله كثيرة:
ثم قال الكاتب:
[وليس لديهم أي دليل يدل على صدق دعواهم، غير أنهم لما أنزلوه هذه المنزلة الحقيرة، تشبهوا باليهود في تحريف كلام الله، كل آية أنزلها الله في حق عُبَّاد الأصنام والمشركين طبقوها على المسلمين الموحدين، وأنكروا كل حديث صحيح وافقت عليه الحفاظ، وأجمعت على صحته الأمة، وهذا الموقف المعاند احتقار لشأن الرسول.. إلخ].
جوابه:
أن نقول: إن هذا الكاتب وأضرابه لا يفهمون دلالة الآيات والأحاديث؛ لمَّا تكبروا عن الحق وقبوله، وأُشْربوا الكفر ومحبة الشرك عقوبة عاجلة، قال الله تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ . فلو كانوا يفقهون ويعقلون لكفاهم بعض تلك الأدلة المتقدم بعضها: وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ .
والأدلة على ما دعا إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- أكثر من أن تحصر، كقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا . قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا . وقوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا . وقوله: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ . وقوله تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ . إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ . وقوله: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ .

فهل يقال: إن هذه الآيات بطل معناها وأنها مقصورة على مشركي العرب قبل الإسلام؟!
وهل يقال: إن الأنبياء والأولياء يستجيبون لمن دعاهم ويملكون التصرف في الكون، والضر والنفع، والعطاء والمنع، ويعلمون الغيب، ويشفعون بدون إذن الله، ويملكون الشفاعة مع قوله تعالى: قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ؟!
هذا والأدلة على وجوب التوحيد والإخلاص، والنهي عن الشرك ووسائله كثيرة، كما في كتاب التوحيد، وشرحه فتح المجيد، وسائر مؤلفات أهل العلم والإخلاص، ودلالتها واضحة ولم يقل أحد من الشراح ولا الرواة أنها خاصة بعُبَّاد الأصنام في الجاهلية قبل هذا الكاتب وأضرابه.
فأما قوله: [وأنكروا كل حديث صحيح .. إلخ].
جوابه: إن الأحاديث المزعومة هي أمثال الحديث الموضوع السابق بلفظ: إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي… إلخ، وقد عرفت أنه كذب لا أصل له، وتقدم حديث: اللهم أسألك بحق السائلين عليك وعرفت أن السائلين هم الذين يدعون الله، وحقهم عليه أن يجيبهم وهو حق تفضل وتكرم.
فنحن نقول لهذا الكاتب: أين تلك الأحاديث التي وافقت عليها الحفاظ، وأجمعت على صحتها الأمة؟ هل هناك حديث في الصحيحين أو في أحدهما؟ أو في كتب السنة صحيح تلقته الأمة بالقبول، يتضمن أن ندعو الرسول - صلى الله عليه وسلم- ونسأله حوائجنا؟ أو نحلف به دون الله؟ أو فيه أنه ... أو غيره من الأنبياء والأولياء يعلمون الغيب؟ أو يتصرفون في الكون؟ أو يملكون الشفاعة بدون إذن الله ونحو ذلك؟!
وأكثر ما يتشبث هؤلاء بحديث الأعمى الذي رد الله عليه بصره بدعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يُنقَل أن أحدا من المكفوفين استعمله بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما فيه دعاء لله أن يتقبل دعاء نبيه وشفاعته في رد بصره.
وهكذا حديث توسل الصحابة بالعباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعلق به هؤلاء ونحن لا ننكر أن نتوسل بالأحياء الصالحين أن يدعوا ربهم ويؤمِّن الناس على دعائهم، فأما التوسل بالأموات: من أنبياء، أو غيرهم، فلم ينقل عن الصحابة، ولا غيرهم.
فبهذا العرض الوجيز يتضح مبالغة هذا الكاتب في أن أئمة الدعوة قد أنكروا كل حديث صحيح يعني في التوسل بالرسول -صلى الله عليه وسلم- أو طلبه الشفاعة بعد موته، أو في وصفه بالملك والتصرف مع الله، فليس هناك أحاديث صحيحة في هذا الموضوع، ولو صحَّت وثبتت لكان لها وجه تُحمَل عليه؛ لئلا تخالف أدلة الشريعة والله أعلم.

line-bottom