الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
144811 مشاهدة
الأعيان الطاهرة

وما لا نفس له سائلة، والسمك والجراد، لأنها طاهرة.
قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ إلى آخرها [المائدة: 3] .
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا وقال: أحل لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد. وأما الدمان: فالكبد والطحال رواه أحمد وابن ماجه .
وأما أرواث الحيوانات المأكولة وأبوالها فهي طاهرة.
ومني الآدمي طاهر كان النبي يغسل رطبه، ويفرك يابسه .
وبول الغلام الصغير، الذي لم يأكل الطعام لشهوة: يكفي فيه النضح، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام راوه أبو داود والنسائي .وإذا زالت عين النجاسة طهر المحل، ولم يضر بقاء اللون أو الريح، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لخولة في دم الحيض: (يكفيك الماء، ولا يضرك أثره) .



كذلك ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء بموته فيه، أو وقوعه فيه، كالذباب والبعوض والفراش والنحل والنمل والذر والحشرات الصغيرة وأيضا الكبيرة كالعقرب ونحوه، فهذه إذا ذبحت لا يخرج منها دم فتكون ميتتها طاهرة تسهيلا على المسلمين؛ لأنه مما تعم به البلوى.
كذلك ما يؤكل فإنه ليس بنجس، ولو كان ميتة؛ كالسمك والجراد فإنه طاهر، فقد ورد في الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- أحل لنا ميتتان ودمان أما الميتتان: فالحوت والجراد وأما الدمان: فالكبد والطحال والكبد كلها دم متجمد ولكنها ليست دما مسفوحا، كذلك الطحال.
قوله: (وأما أرواث الحيوانات المأكولة... إلخ):
أي: وأرواث الحيوانات المأكولة وأبوالها طاهرة أيضا؛ لقصة العرنيين الذين أرسلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى إبل الصدقة وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها؛ لأنها طاهرة مأكولة اللحم، فأبوال وأرواث الابل والبقر والغنم والظباء والعجول والأرانب والضب والوبر وما أشبهها طاهرة.
قوله: (ومني الآدمي طاهر... إلخ):
مني الآدمي فيه خلاف كثير، والمؤلف رحمه الله كأنه يختار أنه طاهر وهو
المشهور في المذهب، والمني هو: الماء الأصفر الغليظ اللزج الذي يخرج من الإنسان عند الجماع أو الاحتلام وعند الشهوة القوية، وإذا خرج بردت الشهوة بعده، ويحدث كثيرا من المحتلم في النوم.
وقد اختلف العلماء في طهارة المني فمنهم من يقول: إنه طاهر، ومنهم من يقول: إنه نجس.
والأقرب أنه طاهر؛ لأنه هو المادة القي خلق منها الإنسان، وقد ورد في الحديث تشبيهه بالمخاط والنخام وما أشبهه، وأنه يكفيه أن يمسحه بعود أو بإذخرة، وورد أن عائشة كانت تفركه من ثوب النبي -صلى الله عليه وسلم- يابسا، وبعضهم يحتاط ويقول: إن كان يابسا فليفرك، وإن كان رطبا فليغسل.
قوله: (وبول الغلام الصغير، الذي لم يأكل الطعام... إلخ):
بول الغلام الصغير الذي لم يأكل الطعام لشهوة يكفي فيه النضح، قال النبي
-صلى الله عليه وسلم- يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام رواه أبو داود والنسائي، والنضح هو: الغسل الخفيف، أي: يصب عليه الماء دون فرك ودلك، فيكفي أن تصب عليه الماء وتتبعه إياه، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بشرط أن لا يكون قد أكل الطعام لشهوة، أي: إذا لم يشته الطعام أو يطلبه ولم يكن غذاؤه الطعام أو أكثر غذاؤه الطعام، أما إذا كان غذاؤه اللبن فيكفي فيه الرش والنضح.
وقالوا: إن السبب في ذلك والله أعلم أن النفوس تغشى الذكور فيبتلون بحمل الذكر كثيرا، فتسومح في نجاسة بوله صغيرا، أما غائطه فإنه يغسل منه، فالاستثناء خاص بالبول، أما الأنثى فيغسل بولها كبول الكبير.
قوله: (وإذا زالت عين النجاسة طهر المحل، ولم يضر بقاء اللون أو الريح، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لخولة في دم الحيض: (يكفيك الماء، ولا يضرك أثره): ذكرنا أن النجاسة تغسل حتى لزول عينها، فإذا كانت النجاسة على بلاط ثم صب عليها ماء وزال عينها طهر المحل.
وكذلك إذا كانت النجاسة على الثوب (نجاسة بول أو غائط) وصب الماء عليها حتى لا يبقى لها عين (أي: لا يبقى جرمها) طهر المحل، وكذلك الدم على الثوب ونحوه يكفي فيه الماء، لكن بعدما تزول أو تخفف عينه.
وفي الحديث الآخر سئل عن دم الحيض يصيب الثوب فقال: تحته، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه فأمرها أولا: أن تحت المتجمد بين أصابعها أو تحكه بظفرها أو بعود أو نحوه فيتساقط المتجمد، ثم بعد ذلك: تقرصه بالماء، فتصب الماء بين أصابعها وتفركه وتدلكه حتى يزول بالماء، ثم بعدها: تغمره بالماء وتنضحه.
وهذا آخر باب إزالة النجاسة.