الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
144981 مشاهدة
العدد الذي تنعقد به صلاة الجماعة

وأقلها: إمام ومأموم، وكلما كان أكثر فهو أحب إلى الله. وقال -صلى الله عليه وسلم- صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة متفق عليه .
وقال: إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم فإنها لكما نافلة رواه أهل السنن .



قوله: وأقلها: إمام ومأموم، وكلما كان أكثر فهو أحب إلى الله... إلخ):
وأقل الجماعة اثنان؛ للحديث الذي في سنن ابن ماجه: اثنان فما فوقهما جماعة أي: إمام ومأموم، وكلما كان أكثر كان أحب إلى الله تعالى؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله والمعنى: أنه إذا فاتته الصلاة فليحرص أن يجد واحدا يصلي معه الجماعة، وهذا يرد على ما ذهب إليه الحنفية والشافعية من أن المتأخرين إذا جاءوا بعد الصلاة يصلون فرادى، مثل الباكستانيين ونحوهم، إذا دخلوا صلى كل واحد وحده، ولا يجتمعون لجماعة، وهذا قول في مذهب الشافعي ومذهب أبي حنيفة، ولو كان الشافعي سمع هذا الحديث لما حاد عنه، أو لعل هذا القول لم يثبت عنه.
ودل على ذلك أيضا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة أليس إذا صلى هذا وحده وهذا وحده نسميه فذا؟ بلى. ثم أليس إذا قدموا واحدا منهم وائتموا به نسميهم جماعة؟ بلى. حتى ولو كان المسجد قد صلي فيه.
كذلك عندما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الفجر ورأى رجلين في مسجد الخيف فجيء بهما ترعد فرائصهما من الخوف، وسألهما: ما منعكما أن تصليان معنا؟ قالا: قد صلينا في رحالنا، فقال: إذا صليتما في رحالكما وأتيتما مسجدنا فصليا معهم، فإنها لكما نافلة فهذه تسمى إعادة الصلاة، فهؤلاء كانت رحالهم بعيدة، لأنهم بمنى وكانوا متفرقين، فقد صلوا في رحالهم ثم أتوا وقد أطال النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة فأدركوها معه.