إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية (الجزء الثاني)
212920 مشاهدة print word pdf
line-top
كيف يحصن المسلم بيته وذريته من شرور الجن والإنس؟

س 109- بماذا وكيف يحصن المسلم بيته وذريته من شرور الجن والإنس ؟
جـ- ذكر ابن القيم في آخر الجزء الثاني من بدائع الفوائد عشرة أسباب مما يعتصم به العبد من الشيطان، وأنا أذكر ملخصها، قال:
أحدها: الاستعاذة بالله من الشيطان. ثم ذكر الأدلة على ذلك، ولا شك أن الاستعاذة بالله -تعالى- من أفضل القربات، وهي تفيد الالتجاء والاعتصام والتحرز، وحقيقتها الهرب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه، ولهذا يسمى المستعاذ به معاذا وملجأ ووزرا. فالعائذ بالله قد هرب مما يؤذيه أو يهلكه إلى ربه ومالكه، وفر إليه، وألقى نفسه بين يديه، واعتصم به، واستجار به، والتجأ إليه.
وهذا تمثيل وتفهيم وإلا فما يقوم بالقلب من الالتجاء إلى الله والاعتصام به والاطِّراح بين يدي الرب والافتقار إليه والتذلل بين يديه، أمر لا تحيط به العبارة، فمتى شعر الإنسان أن الشيطان يحاربه ويكيد له، ويحاول إهلاكه، وعرف أن ربه -سبحانه- هو الذي سلطها وهو الذي يملك قهرها وردها وإذلالها، فلجأ إلى ربه، وشعر بعجزه عن مقاومتها واستجار بالله -تعالى- عن صدق وإخلاص، فإن ربه يحميه ويرد عنه كيد كل كائد.
الحرز الثاني: قراءة سورتي المعوذتين، فإن لهما تأثيرا عجيبا، في حماية العبد المخلص من شر الشيطان وكيده. وفي الحديث ما تعوذ المتعوذون بمثلهما ففيهما الاستعاذة بالله من جميع الشرور، وقد رجح ابن القيم أن الوسواس يكون من الجن والإنس.
الحرز الثالث: قراءة آية الكرسي، ودليله حديث أبي هريرة عند البخاري وفيه إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح وقد ورد في فضلها أدلة كثيرة من السنة النبوية.
الحرز الرابع: قراءة سورة البقرة لحديث أبي هريرة وفيه إن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان .
الحرز الخامس: خاتمة سورة البقرة، ففي الحديث الصحيح المرفوع من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه وفي حديث آخر فلا يقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان .
الحرز السادس: قراءة أول سورة حم غافر إلى قوله: إِلَيْهِ الْمَصِيرُ مع آية الكرسي، فقد روى الترمذي عن أبي هريرة مرفوعا: من قرأ حم المؤمن إلى إليه المصير وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي، ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح .
الحرز السابع: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة؛ لحديث أبي هريرة وفيه: وكانت حرزا له من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي .
الحرز الثامن: كثرة ذكر الله -عز وجل- وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك، وقد صح أن الشيطان يهرب إذا سمع الأذان، وكذا سائر الذكر.
الحرز التاسع: الوضوء والصلاة، وهو من أعظم ما يتحرز به، ولا سيما عند الغضب والشهوة، فإنها نار، والوضوء والصلاة تطفئها.
الحرز العاشر: إمساك فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس، فإن الشيطان يدخل مع هذه الفصول، فإن النظرة سهم من سهام إبليس. وقد أطال ابن القيم في شرح هذه الفصول، والله أعلم.

line-bottom