اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية (الجزء الثاني)
175840 مشاهدة
حكم تكريم غير المسلم عند انتهاء عقده؟

س 67- نحن جماعة من الموظفين في إحدى الشركات جرت عادة عندنا أنه كلما انتهى عقد أحد المتعاقدين عندنا مسلما كان أو كافرا (نصارى وغيرهم) يقوم كل منا بالتبرع بمبلغ من المال فيجمع ليخصص جزء منه في شراء هدية، والجزء الآخر في إقامة حفلة عشاء في إحدى الفنادق لذلك المتعاقد، غير أن بعضنا يمتنع عن التبرع بأي مبلغ إذا كان ذلك المتعاقد كافرا، واحتج عليهم البعض الآخر بأنه من باب الدعوة إلى الإسلام رغم أنهم خلال مدة وجوده لم يبذلوا أي مجهود دعوي تجاهه. وسؤالي يا فضيلة الشيخ: ما حكم عملنا هذا؟ وهل نقوم بالتبرع للكافر عند إنهاء عقودهم وقبل مغادرتهم البلاد أم لا؟
جـ- المعروف من نصارى العرب تمسكهم بدينهم الباطل وصبرهم عليه، ولو كان مجرد التسمي بدون عمل أو تحقيق لما يتسمى به، فعلى هذا متى تقاعد هذا النصراني أو ألغي عقده وهو باقٍ على كفره فلا يجوز إكرامه ولا احترامه، ولا الاحتفال بتوديعه أو إتحافه بهدية ولو كانت رخيصة؛ فإن ذلك من تعظيم الكفار ورفع شأنهم والاعتراف بفضلهم ومكانتهم، وقد نهى الله -تعالى- عن موالاتهم، كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ أي من أكرمهم واحترمهم وخدمهم وقربهم فقد تولاهم وأحبهم، فيكون مثلهم، وكما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ فإذا كان هذا النهي عن تولي الآباء والإخوة الكفار فكيف بمن تولى وخدم النصارى الذين هم من أبعد الناس عنه نسبا ووطنا ودينا.
وثبت عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: لا ترفعوهم وقد وضعهم الله، ولا تقربوهم وقد أبعدهم الله، ولا تكرموهم وقد أهانهم الله، ولا تعزوهم وقد أذلهم الله. يعني أن الله -تعالى- أمر بإذلالهم وإهانتهم وتصغير شأنهم، ونص العلماء على أنه لا يجوز تصديرهم في المجالس ولا القيام لهم. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه فإذا كانت هذه معاملتهم الواجبة فكيف يجوز توقيرهم وإكرامهم عند الوداع، فإن ذلك يزيدهم كفرا واحتقارا للمسلمين وادعاء أنهم أهل المنة علينا فقد يحتجون بإكرامكم لهم على أنكم أهل حاجة إليهم وأنكم تعترفون بفضلهم وترفعهم عليكم.
فأما من قال إنه من باب الدعوة إلى الإسلام فغير صحيح؛ حيث إنهم بقوا معكم مدة طويلة وهم يسمعون عن الإسلام، ويخالطون أهله، ويقرءون عنه، ويسمعون القرآن والسنة، ولم يُقبلوا ولم يدخلوا في الإسلام، فدل على عنادهم وإصرارهم على كفرهم، فلا يجوز الإهداء إليهم ولا كرامة، والله أعلم.