لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية (الجزء الثاني)
158885 مشاهدة
حكم الصلاة خلف إمام مريض يجلس على كرسي؟

س 209- في أحد المساجد أقيمت الصلاة ولم يتقدم بهم أحد، فلما رأى ذلك أحد كبار السن -وكان يجلس على كرسي- تقدم بهم وكبر وهو جالس على الكرسي يومئ إيماء للركوع والسجود، فما حكم صلاتهم -أي صلاة من خلفه- وهل في هذه الحالة يصلون قياما أو قعودا؟ وهل على هذا الرجل الذي تقدم بهم إثم؟ علما أنه لم يتقدم إلا بعد أن اعتذر الجميع.
جـ- كان الأولى أن يتقدم غيره من القادرين على القيام، ولو كانوا دونه في القراءة، ثم في هذه الحالة صلاتهم صحيحة وهم قيام وإمامهم جالس على الكرسي، فقد ثبت في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالمسلمين في آخر حياته إلى جانب أبي بكر -رضي الله عنه- وهو جالس، وهم قيام وإن كان قد اختلف في ذلك هل هو إمام أو مأموم؟ لكن ظاهر اللفظ أنه إمام؛ لقول الراوي يصلي أبو بكر بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويصلي الناس بصلاة أبي بكر أي يبلغهم التكبير. وقد اعتبر البخاري -رحمه الله تعالى- ذلك ناسخا للأحاديث التي فيها الأمر بالجلوس، واختار الفقهاء أنه إذا ابتدأ بهم الصلاة إمام الحي وهو جالس صلوا خلفه جلوسا استحبابا، ويجوز القيام فإن ابتدأهم وهو قائم ثم اعتل فجلس صلوا خلفه وهم قيام وجوبا. أي جمعا بين الأحاديث، والله أعلم.