إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية (الجزء الثاني)
175942 مشاهدة
إذا خرج مني دم يسير وأنا أصلي في المسجد هل أقطع الصلاة؟

س 29- إذا خرج مني دم يسير على أثر جرح، وأنا أصلي في المسجد، فهل أقطع الصلاة أم لا؟
جـ- لا شك أن الدم نجس، لأنه محرم، وكل محرم سائل فهو نجس: كالميتة والخمر، ولكن يُعفَى عن يسيره، فلا ينقض الوضوء، ولا يجب غسله. وإنما يجب من الفاحش، وهو ما يفحش في نفس كل إنسان بحسبه. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الدم لا ينقض الوضوء واستدلوا بأن عمر صلى وجرحه يثعب دما، ولكنه معذور؛ لأن القروح السيالة كسلس البول، وكذا قصة الصحابي الذي رمي وهو يصلي، فاستمر في صلاته فإن قطعها لا يوقف الدم. فأما اليسير فيعفى عنه، فقد ذكر البخاري أن ابن عمر عصر بثرة فخرج منها الدم، ولم يتوضأ لقلته، وبزق ابن أبي أوفى دما فمضى في صلاته، وكل هذا دليل على العفو عن اليسير، لكن قد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا أحدث أحدكم في صلاته فليمسك بأنفه ولينصرف أي ليجدد الوضوء، وهذا دليل على أن الرعاف مشهور عندهم أن صاحبه ينصرف من الصلاة، لأنه نجس وناقض للوضوء، والله أعلم.