إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
79956 مشاهدة print word pdf
line-top
وسطية أهل السنة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

...............................................................................


أما توسطهم؛ توسط أهل السنة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فورد في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعلي تهلك فيك طائفتان وقع ذلك؛ وقع أن طائفة كذبوه وكفروه، ويتقربون بسبه، ولهم بقايا الآن في عمان الإباضية، وكذلك فرق كثيرة في إفريقيا على طريقة الخوارج؛ الخوارج هم الذين يكفرونه، وقتله أحدهم وهو ابن ملجم ومدحه بعضهم، الشاعر الذي مدح ابن ملجم ويقال له عمران بن حطان يمدحه بقوله:
يا ضربـة من تقي ما أراد بهــا
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إنـي لأذكـره يوما فأحسبه
أوفى الـبرية عند الله ميزانا
يمدح بذلك ابن ملجم الذي قتل عليا ورد عليه بعضهم بقوله:
يـا ضربة من شقي ما أراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش كفرانا
إني لأذكره يومـا فألعنـه
جهـرا وألعن عمـران بن حطانـا
يعني هذا الشاعر.
فالحاصل أن هؤلاء كفروه وقاتلوه، وخرجوا عليه، وخرجوا عن طاعته، وهو أيضا قاتلهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قال: أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم وقال: لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد وإرم هؤلاء كفروا عليا وكذلك أيضا كفروا من معه من ذريته، ويسمون النواصب.
الطائفة الثانية: هم الذين غلوا فيه ويسمون الروافض؛ هم الذين يسمون أنفسهم شيعة علي هؤلاء غلوا فيه وادعوا فيه الألوهية؛ كان أولهم يقال له: عبد الله بن سبأ هو الذي دعاهم إلى أن يدعوا الإلهية في علي أنه هو إلههم، وقال: إذا خرج فاسجدوا له. فلما خرج عليهم سجدوا؛ فأنكر فعلهم فقالوا: أنت الله أنت الإله أنت الرب، ثم إنه دعاهم إلى التوبة فامتنعوا، وأصروا على قولهم، فحفر لهم أخاديد، ومن لم يتب منهم قذفه في النار أحرقهم، وهو يقول:
لما رأيت الأمر أمـرا منكرا
أججت ناري ودعوت قنبرا
يعني خادمه فهؤلاء هم الغلاة، ولا يزال بقاياهم إلى الآن؛ فمنهم من ادعى أنه هو الإله حتى يقول شاعرهم:
أشـهد أن لا إلــــه إلا
حيدرة الأنـزع البطـين
حيدرة يعني علي
أشهد أن لا إلــه إلا
حيدرة الأنـزع البطين

line-bottom