اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
70873 مشاهدة print word pdf
line-top
توسط الأمة بين اليهود والنصارى في أسماء الله وصفاته

...............................................................................


فالحاصل أن الأمة وسط بين اليهود والنصارى فهم وسط بينهم في الأسماء والصفات، وهم وسط بينهم في الحلال والحرام. الأمة الإسلامية توسطت بين هذه الأمم؛ فإن اليهود قد ذمهم الله تعالى؛ ذمهم بكثير من أفعالهم فمنها تحريفهم الكلم: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا يحرفون الكلم فالنهي للأمة عن أن يفعلوا كفعلهم نهي عام وصريح.
وكذلك أيضا من المعلوم أن اليهود يتنقصون الله تعالى. حكى الله عنهم أنهم قالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا حكى الله عنهم أنهم قالوا: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ -تعالى الله عن قولهم- هذا من التنقص الذي هو إنكار الصفات وجحدها، فكأنهم غلوا في التعطيل.
كذلك النصارى معلوم أنهم شبهوا الله تعالى بالمخلوقين؛ حيث قالوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ معناه أن الله -تعالى الله عن قولهم- هو مماثل للمخلوقين؛ لأن عيسى المسيح ابن مريم بشر، قال الله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ فهؤلاء غلوا في الإثبات، وجعلوا الرب تعالى مشابها للمخلوقات، وهؤلاء غلوا في النفي أو في التنقص، ووصفوا الله تعالى بصفات النقص وبصفات السلب أو نحو ذلك.
وخير الأمور أوساطها، فالأمة جاء كتابها بإثبات الصفات على ما يليق بالله، وجاء بتنزيه الله عن سمات وصفات المخلوقين.

line-bottom