شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
التسليم بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم
مثل قوله تعالى: رسم> وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ قرآن> رسم> هذه عامة في الرسل كلهم، رسم> وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ قرآن> رسم> أي: لأجل أن يُطَاع، وطاعته تكون من طاعة الله، ثم قال في الآية بعدها: رسم> فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا قرآن> رسم> .
في هذه الآية أنواع من التأكيد؛ أولا: افتتاحها بالقسم؛ أقسم الله بنفسه: رسم> فَلَا وَرَبِّكَ قرآن> رسم> بعدما نفى عَمَّنْ لَمْ يُطِعْه، وربك هذا تأكيد للكلام، القسم بنفسه، لا يؤمنون أي لا يكونون صادقين في الإيمان في أنهم مؤمنون رسم> حَتَّى يُحَكِّمُوكَ قرآن> رسم> أي: حتى يجعلوك حَكَمًا، الحكم هو الذي يُرْجَعُ إلى حكمه، ويُقْنَعُ بحكمه، ولا يُرَدُّ شيء من حكمه الذي حكم به: رسم> يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ قرآن> رسم> كل ما تنازعوا فيه، وحصل بينهم الخصومات يجعلونك حكما، ويرضون بحكمك رسم> فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ قرآن> رسم> أي: لا يجدون حرجا من قضائك؛ بل يقبلون قضاءك بنفوس مطمئنة راضية محبة لذلك، قانعة به غاية القناعة.
هكذا أمر الله رسم> حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ قرآن> رسم> أي في كل شيء حصل بينهم، رسم> ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قرآن> رسم> أي: في قلوبهم رسم> حَرَجًا قرآن> رسم> أي ضيقا، فينتقدوك، ولا يقولوا: ليته فعل كذا! ولا يخطئوك، بل يقبلوا حكمك على ما كان عليه، ولو كان فيه ضرر عليهم، أو على بعضهم؛ مع أنه لا يُحْكَمُ إلا بحكم الله رسم> وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا قرآن> رسم> أي: يسلموا لأمرك، ولا ينازعوك، ولا يردوا شيئا من أمرك.
هذه الآيات تُؤَكِّدُ حق الرسول عليه الصلاة والسلام على أُمَّتِهِ أنهم مأمورون باتِّبَاعِهِ، وقدْ أمر الله تعالى بالتأسي به: رسم> لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ قرآن> رسم> أي: اجعلوه أسوتكم وقدوتكم، تَأَسَّوْا بِهِ، وسيروا على نهجِهِ؛ ما فعله فافعلوه إذا كان من العبادات.
كذلك رَتَّبَ الله أيضا على الاتباع له الاهتداء قال تعالى: رسم> وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ قرآن> رسم> وكذلك أيضا أمر الله بالإيمان به: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ قرآن> رسم> يأمر من؟ يخاطب المؤمنين بأن يُحَقِّقُوا إيمانهم بالرسول، وكذلك قوله: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قرآن> رسم> هذا ثوابكم إذا آمنتم بالله والرسول رسم> وَيَغْفِرْ لَكُمْ قرآن> رسم> .
فهذا لا شك أن الإيمان به تصديقه، ولا شك أن تصديقه يستلزم تقبل رسالته؛ التَّقَبُلَ الذي يلزم منه المحبة والاتباع؛ يعني أن تحبوه، وتَحْمِلُكُمْ محبته على السير على نهجه. وقد أكد صلى الله عليه وسلم أمر محبته قال: رسم> لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> من نفسه وولده رسم> ؛ ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يفدونه بأنفسهم، ويفدونه بأهليهم، وذلك لأنهم أحبوه غاية المحبة، فكان ذلك علامة على صدق إيمانهم وتصديقهم.
مسألة>