إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
80196 مشاهدة print word pdf
line-top
رد السنة رد للرسالة

...............................................................................


لما ظهرت الخوارج كانوا يتمسكون بالقرآن فقط، وعزلوا السنة، ولم يقبلوها إلا الأوامر، والأفعال، أو العبادات الظاهرة؛ فوقعوا في بدع منكرة؛ وقعوا في هذه البدع، وكَفَّرُوا بالذنوب؛ وذلك لأنهم لم يلتفتوا إلى الأحاديث التي وردت في السنة، فكان ذلك سببا في ابتداعهم.
وكثير من الذين يَدَّعُون العلم والمعرفة يدعون أنهم لا يقبلون السنة، ولا يقبلون الأحاديث!! بل يطعنون في السنة، ويردونها، أو لا يقبلون منها إلا القليل، كالمتواتر ونحوه.
لا شك أن هذا رد للرسالة، لأن الله تعالى أرسل رسوله، وأمره بالبيان والبلاغ: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فيقال لهؤلاء: من أين أخذتم القرآن؟ هل أُنْزِلَ القرآن عليكم؟ أليس هو الذي عَلَّمَنَاهُ؟ أليس أخذه الصحابة من فمه صلى الله عليه وسلم؟! وقال: هذا القرآن الذي أنزل عليكم إذا أخذتموه من الرسول فخذوا بيانه منه؛ بيانه الذي بَيَّنَهُ كما أمره الله بقوله: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ هذا البيان من القرآن، أو مُكَمِّلٌ للقرآن، أو هذه الرسالة من تمام رسالته صلى الله عليه وسلم. أليس هو المرسل؟ بماذا أرسل؟! أليس يحمل الرسالة؟! ما رسالته؟! رسالته هذه الشريعة.
ما الذي دل على هذه الشريعة؟ الكتاب الذي بَلَّغَهُ، والسنة التي بَلَّغَهَا، والتي بَيَّنَهَا، فهذا من حيث العموم. لا يصح لأحد يقول: أشهد أن محمدا رسول الله، إلا ويَقْبَلُ سنته، ويقبل كل ما بلغه، فإذا صدقت أنه مُرْسَلٌ من ربه؛ فَصَدِّقْ برسالته وتَقَبَّلْهَا؛ اقبلها كما هي، ولا تَرُدَّ منها شيئا؛ إذا لم تقبلها؛ لم تَقْبَلِ السنة وقبلت القرآن فما صدقت في أنك شهدت له بأنه رسول الله. الرسول تُقْبَلُ رسالته كلها.

line-bottom