لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
78134 مشاهدة print word pdf
line-top
خلاف الصحابة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه

وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال: نور أنَّى أراه وفي رواية: رأيت نورا يعني: كيف أراه ودونه هذه الأنوار؟ دونه نور.
قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن حجابه النور، ثبت عنه أنه قال: إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور, لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه .
فهذا النور لا شك أنه لا يرى معه ذات الرب تعالى، فأما ما ذهب إليه ابن عباس من أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة أسري به بعيني رأسه؛ فهذا قيل: إنه اجتهاد منه, وقيل: إنه اعتمد فيه على دليل، ولعله الأقرب أنه اجتهاد منه، ما دام أن في الحديث: نور أنَّى أراه ولم يذكر دليل واضح أنه رأى ربه، إلا ما روي عن ابن عباس أنه قال: كان لموسى التكليم، ولنبينا الرؤيا.
لقد أنكرت عائشة هذا الكلام، سألها بعض التابعين فقالوا: يا أماه هل رأى محمد ربه بعيني رأسه؟ فقالت: لقد قَفَّ شعري من هذا الكلام. ثم أنكرت, وقالت: لم ير ربه. فكأن ذلك الذي سألها كان عنده بعض من الأدلة؛ فقرأ عليها قول الله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ وظن أن الضمير في وَلَقَدْ رَآهُ يعود إلى الله تعالى؛ فذكرت أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر بأنه يعود إلى جبريل أنه رآه على الصورة التي خلق عليها مرتين، المرة التي في سورة النجم: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى والمرة الثانية في سورة التكوير: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ؛ وذلك لأنه يعود إليه: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ هذه كلها وصف لجبريل عليه السلام فيكون قوله: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ يعود إليه.
فعلى هذا.. يفسر القول بأنه رآه أنه رأى ربه بعيني قلبه، أنه رآه رؤية قلبية؛ لا أنه رآه برؤيته البصرية، كيف وقد أخبر الله عن موسى بأنه لا يراه مع أنه كلمه؟! فقال: لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ .

line-bottom