إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
57960 مشاهدة
الثابت في أحاديث نزول الله تعالى

وكذلك أيضا اعتقادهم نزول الله تعالى في بعض الأماكن؛ فالثابت أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الله ينزل إلى سماء الدنيا في عشية عرفة، وأخبر أيضا بأنه ينزل في آخر كل ليلة إلى سماء الدنيا، وأنه يتودد إلى عباده يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ وأحاديث النزول إلى سماء الدنيا صحيحة؛ ولكن يمرها أهل السنة كما وردت ولا يقولون: إنه يخلو منه العرش، ولا يقولون: إن السماء تحصره؛ بل ينزل كيف يشاء، والذين نقلوا لنا هذا النزول لم ينقلوا لنا كيفيته؛ فنقبله كما نقل.
وكذلك النزول عشية عرفة، ورد أيضا أنه ينزل يباهي بالحجاج ملائكته فيقول: ما أراد هؤلاء؟ فيقول: أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم إلى آخره.
وأما النزول في ليلة النصف من شعبان؛ فالصحيح أنه لم يثبت فيها أحاديث صحيحة، ورد فيها أحاديث ولو صححها بعض من صححها من المتأخرين؛ سمعنا كلام شيخ الإسلام أنها فيها مقال.
الأحاديث التي في فضل ليلة النصف من شعبان؛ الأصل أنها لم يثبت فيها شيء، ولو اشتهرت في هذه الأزمنة في كثير من البلاد، ولو وجد من يفضلها على ليلة القدر، ولو وجد من يحييها ويعظمها، أو يعتقد أن فيها تنسخ الآجال، وتكتب المقادير، وتقدر الأحوال وما أشبه ذلك؛ فكل ذلك على الصحيح غير ثابت؛ ولذلك النزول في ليلتها إلى السماء الدنيا؛ فكلام شيخ الإسلام يظهر منه أنه لا يصحح هذا الحديث؛ فكيف بغيره؟
هذا ما يدور عليه هذا الموضوع، ولو في بقيته تتمة نتعرض لها إن شاء الله فيما يأتي.