تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
88206 مشاهدة
طلب المغفرة والرضا من الله

.......................................
ومن مسـاوي عملـي أستغفــره
يعني أعترف بأن عندي سيئات، وأن عندي خطايا؛ فأستغفره من خطاياي، ومن سيئات أعمالي، وَرَدَ هذا أيضا في خطبة الحاجة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره يعني: نطلب منه المغفرة، من مساوي عملي أستغفره، (الاستغفار): طلب الغفر الذي هو: ستر الشيء وإخفاؤه، ومنه سمي المغفر، وما هو المغفر؟ المجن الذي يلبس على الرأس ليقي وقع السلاح، ويسمى التُّرس، ويسمى الخوذة، يفصل على قدر الرأس، ويسمى المغفر، فلذلك قال: أستغفره يعني أطلبه الغَفر الذي هو ستر الذنوب، وإزالة أثرها.
وأستعينـه على نيـل الرضـــا
وأستمـد لطفــه فيمـا قضــى
(الاستعانة): طلب العون على الشيء الذي قد يعجز عنه، والله تعالى أمرنا بأن نستعين به في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وفي قوله تعالى: وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (الاستعانة): طلب العون على الشيء الذي يشق فعله، ويحتاج إلى من يساعد في فعله، ومن يعين عليه، الله تعالى هو الذي يعين من استعانه يعني يقويه.
والرضا يعني: العمل الذي يرضى به الله تعالى عن العباد، وكيف ينال ذلك العمل؛ يعني يقدر عليه العبد ويفعله ليكون بذلك ممن رضي الله عنه، ( أستعينه على نيل الرضا )؛ يعني أطلب منه العون حتى يعينني على الأسباب التي يكون بها عني راضيا.
الرضا من الله تعالى صفة من صفاته وصف نفسه بأنه يرضى في قوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ إذا رضي الله تعالى فإنه يبارك للعبد في عمله، جاء في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: إذا أُطعت رضيت، وإذا رضيت باركت، وليس لبركتي نهاية .
(والاستمداد): هو الطلب والاستجداء، أستمده يعني أطلب منه أن يمدني أن يعطيني، واللطف من الله تعالى أيضا: هو العفو عن العبد، وإمداده بالخير، واللطف به يعني الرفق به ورحمته؛ ( أن يلطف بي فيما قضى )، جاء في أثر عن بعض الصحابة: اللهم إني لا أسألك تغيير القدر ولكن أسألك اللطف فيه، القدر مقدر لا .. ولا يغير ولكن الله تعالى يلطف بعباده فيما قدره عليهم.