إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
78277 مشاهدة
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه

صلى عليــه ربنــا ومجــدا
والآل والصحــب دوامــا سرمــدا
الصلاة من الله: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ومنهم من يقول: الصلاة من الله الرحمة، هكذا اشتهر عن الفقهاء، وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سألوه قالوا: كيف نصلي عليك ؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم أو على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على آل إبراهيم ؛ يعني الصلاة على آل إبراهيم ذكرت في قوله: رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ والبركة ذكرت في وَبَرَكَاتُهُ .
فلما ذكر الله تعالى أن الملائكة قالوا: رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ أخذ من هذه الآية أن الله صلى على آل إبراهيم بقوله: رَحْمَةُ اللَّهِ وَبارَكَ على آل إبراهيم في قوله: وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فهذه رحمته التي هي صلاة، وبركته التي في قوله: وَبَرَكَاتُهُ ؛ مع أن ذلك أيضا جاء في أول التشهد ولكن بلفظ السلام: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
ولكن جاء في أثر رواه البخاري عن أبي العالية قال: صلاة الله على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، فهذا عن صلاته، والأصل أن الصلاة هي الدعاء كما تعرفون، في قوله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ أي: ادع لهم؛ ومع ذلك كان -عليه الصلاة والسلام- إذا جاءه أحد بصدقته يقول: اللهم صل على آل فلان، يقول ابن أبي أوفى فجاءه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى فالمراد: ارحمهم واغفر لهم.
فالصلاة في الأصل هي الدعاء، ولكن استعملت خاصة في الصلوات الخمس؛ لأنها مشتملة على الدعاء، ثم استعملت في الصلاة على الأنبياء وغيرهم، يجوز الصلاة على غير النبي، ولكن لا تتخذ عادة .
صلـى عليه ربـنا ومجـدا
.........................
(والتمجيد) هو: المدح والإظهار، مجده الله يعني رفع مكانته.
......................................
والآل والصـحــب دوامــا سرمــدا
أي وصلى على آله، آله هم أهل بيته، هكذا يرجح شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ يقول: آله وجد في الروايات أخرى اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته ؛ فدل على أن آله يدخل فيهم أزواجه وذريته وأقاربه كأعمامه وبني أعمامه.
وذهب آخرون إلى أن آله هم أتباعه على دينه، وأن جميع أمته الذين تمسكوا بشريعته فإنهم من آله، ونظم ذلك بعضهم في بيتين تجدونهما في أول نيل الأوطار للشوكاني يقول:
آل النبـي هــمُ أتبــاع مـلتــه
مَـن كان مِن عجـم منهم ومن عـرب
لو لـم يـكـن آلــه إلا قرابتــه
صلـى المصلـي على الطـاغي أبي لهب
ولكن الذين قالوا: إن آله أقاربه استخرجوا منهم من مات كافرا كأبي لهب .
وأما الصحب فهم الذين صحبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته؛ يعني آمنوا به في حياته وجالسوه ورأوه، كل من رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمنا به مصدقا فإنه من الصحابة، يقول: (دواما سرمدا)؛ يعني صلاة وسلاما دائمين لا ينقطعان.