تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
78533 مشاهدة
من تعلق شيئا وكل إليه

ذكر بعد ذلك حديث عبد الله بن عكيم وفيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من تعلق شيئا وكل إليه ؛ من تعلق شيئا يعني: سواء كان التعلق تعلق بدن، أو تعلق قلب؛ وكل إلى ذلك الشيء، ومن وكل إلى غير الله تعالى فإنه خاسر، من وكله الله إلى مخلوق فإنه يعتبر خاسرا، هذا معنى وكل إليه أي: وكله الله تعالى إلى ما تعلق قلبه به.
قد يتعلق القلب بشيء ولا يكون هناك تعليق ظاهر، مثاله: أن يقول المشرك للسيد أو للولي صاحب القبر ونحوه: يا سيدنا، قد علقنا عليك آمالنا، قد تعلق عليك رجاؤنا، قد تعلق عليك أملنا، وعملنا، نحن متعلقون عليك لتدفع عنا، ولتحمينا، ولتوصل إلينا الخير، هذا تعلق قلب وإن لم يكن هناك تعاليق في الرقبة، ونحوها؛ فلذلك عمم بقوله: من تعلق شيئا وكل إليه .
الثاني: إذا علق في رقبته شيئا من الأوتار ونحوها، وتعلق قلبه بذلك الوتر، أو بتلك التميمة، أو ما أشبهها؛ فإن الله تعالى يكله إليه، ومن وكله إلى مخلوق فقد ضاع، وكله إلى ضيعة، الإنسان يتعلق قلبه بربه -سبحانه وتعالى- كما جاء في بعض الأدعية يعلق قلبه بالله تعالى ويدعوه وحده، فيقول مثلا: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي من كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر دعاء لله تعالى لأنه الذي يصلح حال الإنسان، وكذلك لو دعا بأن يقول: اللهم إنك تعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي، اللهم رحمتك أرجو؛ فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، أصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت لا تكلني إلى نفسي، من وكله الله إلى نفسه، أو وكله إلى مخلوق طرفة عين فإنه وكله إلى ضيعة، فالإنسان يتوكل على الله تعالى ولا يتكل على هذه التمائم، ولا على هذه الأوتار، وما أشبهها.
فسر المؤلف -رحمه الله- هذا الحديث حديث ابن مسعود فيقول: التمائم شيء يعلق على الأولاد يتقون به العين؛ لكن إذا كان المعلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهي عنه.
وفي الباب الذي قبل هذا جاء قوله -صلى الله عليه وسلم- من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وفي رواية: من تعلق تميمة فقد أشرك وفي هذا الحديث يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك التميمة: هي هذه التعاليق، لماذا سموها تميمة؟ يدعون أن بها تتم الصحة، وهي سبب لتمام النعمة، وهي سبب لتمام الحماية والحفظ، تتم بها حمايتهم من الأضرار، ومن الأمراض، ومن الشياطين، ومن مردة الجن، ومن العين، ومن الحسد، ومن الأمراض كلها، هكذا سموها تميمة؛ أي تفاؤل بالتمام، فجاء الشرع بالأمر بقطعها، وجاء بالنهي عنها.