إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
122073 مشاهدة print word pdf
line-top
التوحيد يكفر الذنوب

أما الحديث الثاني الأخير: يقول -صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: يا ابن آدم: إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. يا ابن آدم: لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. يا ابن آدم: لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة .
اقتصر المؤلف على هذه الجملة الأخيرة: قراب الأرض ، يعني: ملؤها أو ما يقارب ملئها. يعني: لو أن الإنسان مثلا في أول عمره تمادى في السيئات، وأكثر منها حتى بلغت عنان السماء، ثم بعد ذلك في آخر عمره تاب وأخلص ووحد، وحد الله، وترك السيئات، وندم على فعلها، مع أنها قد كتبت في سجل أعماله، فهذه التوبة إذا ختم بها حياته، وأخلص الدين، ولم يشرك بالله شيئا ، فإن من آثار هذه التوبة أنها تمحو السيئات، وتمحو عنه أثرها، فإذا لقي الله وهو مخلص لا يشرك به شيئا غفر الله له تلك الخطايا: لأتيتك بقرابها، يعني بملئها أو ما يقارب ملئها: لأتيتك بقرابها مغفرة، فهذه فائدة عظيمة من فوائد التوحيد؛ ألا وهي كونه يكفر الذنوب.
الباب يقول: باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب. فالأحاديث الثلاثة والآية تتعلق بفضل التوحيد، والحديث الأخير الرابع: يتعلق بتكفيره للذنوب.
كلمة ما في قوله: باب فضل التوحيد وما يكفر قيل: إنها مصدرية. التقدير: وتكفيره الذنوب، فضله وتكفيره الذنوب، ومعلوم أن تكفيره من فضله، فلماذا عطفه؟ لماذا عطف التكفير على الفضل؟.. من عطف الخاص على العام، يعني: أن من فضله فضل كبير وهو تكفيره للذنوب؛ إذا تاب منها وأناب ووحد الله تعالى وأخلص له العبادة كفر الله عنه خطاياه، وتكفيره الذنوب.
والتقدير الثاني لبعضهم: أنها موصولة، وأن التقدير : والذي؛ باب فضل التوحيد والذي يكفره من الذنوب، ولكن الصحيح القول الأول: أنها مصدرية: فضل التوحيد وبيان تكفيره للذنوب. فهذه فضائل التوحيد.
في هذا الباب ست فضائل: اثنتان في الآية: الأمن والاهتداء، وأربع في الأحاديث: كونه يدخل صاحبه الجنة، وكونه يكون محرما على النار، وكونه يثقل بالمخلوقات، وكونه يكفر السيئات. نكتفي بهذا ونواصل إن شاء الله غدا، والله أعلم، وصلى الله على محمد .

line-bottom