يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
78431 مشاهدة
السبب في تأثير السحر

وإذا قيل: لماذا يؤثر؟ ما سبب تأثيره؟
فالجواب: معلوم أن الساحر بشر، إنسان مثل غيره من الناس، ولكن لا بد أنه يستخدم الشياطين، ويستخدم مردة الجن، فإذا خدمهم خدموه، ولا شك أن خدمة الشيطان كفر وشرك، وقد ذُكر من خدمة الشيطان أمثلة كثيرة تدل على أن السحرة يتعاطون أعمالا شركية، وأنهم بها يتوصلون إلى هذا الفعل. ومن أقربها دعاء الشياطين؛ يتعلم الساحر من غيره أسماء بعض الشياطين، فإذا تعلم أسماءهم دعاهم من دون الله، وأسماء مردة الجن، وكذلك أيضا قد يتقرب إليهم إلى أن يصيروا في خدمته، ومتى صاروا في خدمته؛ صعب عليهم أن يتركوا ما يأمرهم به، فيُلزمهم بكذا وكذا، ولا يقدرون على التخلف عن ما يأمرهم به، أعماله معهم قبل، يعني: في المقدمات بعد دعائهم لا بد أنه يطيعهم في الذبح لهم، يذبح لهم ما يخدمونه به ولو سخلة، أو كبشا، أو دجاجة، أو نحوها، يذبحها باسم الشيطان فلان، وقد يعمل المعاصي حتى يطيعوه؛ لأنهم يحبون منه أن يعصي الله، فكثير من السحرة قبل أن يبدأ في عمل السحر يأمره الشيطان بترك الصلاة فيتركها أياما متتابعة إلى أن يصير الشيطان في خدمته؛ لأن الشيطان يحب من تقرب إليه بأية معصية .
كذلك أيضا: يتقرب إلى الشياطين بالنجاسات؛ فإن الشياطين تألف النجاسات والقاذورات؛ كما أُمر الإنسان إذا دخل بيت الخلاء أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم فالخبث: ذكران الشياطين، والخبائث: إناثهم؛ دليل على أن الشياطين تألف الأماكن القذرة، وثبت أيضا في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: إن هذه الحشوش محتضرة يعني: تحضرها الشياطين ومردة الجن، وأمر أيضا بالاستعاذة والتستر عند دخول الخلاء، وقال: إن الشياطين تلعب بمقاعد بني آدم - يعني: إذا دخلوا بيوت الخلاء- إلا أن يستعيذوا بالله من شرهم .
فالساحر قد يلطخ ثيابه أو بدنه بالنجاسات؛ بالأبوال وبالعذرة ونحو ذلك إلى أن تطيعه الشياطين، وتطيعه مردة الجن، ويكونون في خدمته فحينئذ يتمكن مما يريد من هذه الأضرار بالناس؛ فقد يستخدم عددا من الشياطين من الجن، قد يستخدم مائة أو ألفا كلهم يكونون تحت إشارته؛ إذا قال: يا فلان تسلط على فلانة فإنه لا يقدر على الامتناع؛ فيلابسها، وإذا قال: يا فلانة تسلطي على فلان لم تقدر على الامتناع منه؛ فتلابسه، وهو ما يسمى بالصرع؛ كونه يتسلط بواسطة الساحر؛ أحد الجن على ذلك المصروع.
كما ذكر لنا بعض القراء أنه لما نطق ذلك الجني أو تلك الجنية، ذكرت أن الذي سلطها ساحر اسمه فلان بن فلان، وأن تحت سيطرته مئات من الشياطين ومن الجن، كلما أراد أحدا منهم؛ فإنه يمتثل ما أمر به، وأنه لو خرج هذا الجني من هذا الإنسي؛ فإنه سوف يعاقبه، وإذا مات أحدهم بالقراءة سلط عليه آخر وآخر؛ ولذلك يقولون: لا يسلم هذا المصروع إلا إذا قتل ذلك الساحر؛ فهذا دليل على أن الساحر يسخر هؤلاء الشياطين من مردة الجن حتى يكونوا في اختياره.
ومعلوم أن الجن يتشكلون، وإذا كانوا يتشكلون فلابسوا ذلك المصروع؛ فقد يغير هيكله ظاهرا، وقد يغيره باطنا؛ فإذا تسلط ولا بسه الجني فقد يُبطل شهوته عندما يقرب من امرأته؛ فيكون ذلك معنى حبسه عن زوجته، وكذلك أيضا قد يوقع في قلبه وحشة؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فيوقع بينه وبين امرأته وحشة، يعني: يتسلط على قلبه فيوقع في قلبه نفرة، أو كذلك يتسلط عليها؛ فتبغضه، وقد يبغض أهله، ويبغض بيته وماله، كلما دخل بيته؛ أوقع الشيطان في قلبه وحشة؛ ذلك الجان الذي لابسه، يلابسه دائما أو أحيانا فيُشاهد أن كثيرا من المسحورين إذا دخل بيته؛ نفر، ووجد قشعريرة ووحشة، وإذا خرج منه وجد طمأنينة؛ فهذا من تسلط هذا الساحر؛ حيث سلط عليه هذا الجان الذي لابسه، وأوقع في قلبه هذه النفرة.
وكذلك أيضا مما يحكى كثيرا أنه قد يغير هيكله إلى حيوان، يعني: الجان معروف أنهم يتشكلون؛ فيظهر الجني بصورة إنسان جميل، ثم يتغير فيظهر في صورة إنسان قبيح، ثم يتغير ويظهر بصورة حمار أو بصورة كلب أو بصورة حية أو بصورة قط، يعني: يتشكل الجن؛ أعطاهم الله قدرة على أن يتشكلوا أمام الناظرين، وإلا فإن ذواتهم أرواح ليس لها أجساد، فلا يمكن أن نراهم ولكن أعطاهم الله قدرة، الشياطين والملائكة والجن لهم قدرة على أن يتشكلوا؛ ولذلك الملك يأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- أحيانا في صورة رجل؛ يتمثل له بصورة رجل، وكذلك أيضا الجن يتمثلون بصور بعض الناس، أو بصور حيوانات أو وحوش أو ما أشبه ذلك.
فلا يستبعد أن الساحر يقول له: اقلب هيكل هذا الإنسان إلى كلب أو إلى حمار أو إلى وعل أو إلى قط أو ما أشبه ذلك ويكون ذلك، وكل هذا كما ذكر بقدرة الله -تعالى- وبإرادته الكونية؛ فهذا سبب تأثير الساحر في هذه الأعمال، وفي هذه الصور الظاهرة.