عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
90637 مشاهدة
الابتداء بالبسملة

يقول في أولها:
أبـدأ باســم اللـه مسـتعينــا
راض بـه مدبـــرا مـعينـــا
مع أنه بدأ بالبسملة لكن ضَمَّنها البيت الأول، وفي هذا أنه اختار أن الباء في بسم الله متعلقة بفعل متقدم أظهره هاهنا بقوله: أبدأ بسم الله، لأن النحويين اختلفوا في متعلق الباء في بسم الله هل هو اسم أو فعل؟ وهل هو متقدم أو متأخر؟ فمنهم من قال: إنه اسم متقدم تقديره: ابتدائي بسم الله، ومنهم من قال: اسم متأخر تقديره: بسم الله الرحمن الرحيم ابتدائي، ومنهم من جعله فعلا متقدما كما فعل المؤلف: أبدأ بسم الله، ومنهم من جعله فعلا متأخرا تقديره: بسم الله أبدأ، وهذه التقادير كلها تقديرية.
بدأ بسم الله؛ اقتداء بالكتاب العزيز، وعملا بحديث: كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه بسم الله؛ فهو أقطع أو أبتر أو أجذم والمعنى: أنه ناقص البركة، فلذلك اهتم العلماء به، بكونهم يبدءون بسم الله.
ثم صرح أيضا بأنه مستعينا بسم الله، أبدأ به حال كوني مستعينا به، على أي شيء؟ أستعين به على ما أريد نظمه، أو أستعين به على العمل بما أقول، مستعينا به في أموري كلها، والاستعانة: طلب العون؛ أي أطلب منه أن يعينني على كل ما أنا متصد له، ثم يقول: راض به مدبرا معينا؛ أي: قد رضيت بتصرفه وبتدبيره، ورضيت بإعانته فهو المعين لمن استعانه.