إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
77899 مشاهدة
إرسال الرسل للتذكير بالعهد

وبعد هذا رسلـه قــد أرســلا
لهم وبالحــق الكتــاب أنـــزلا
أرسل الرسل وانزل الكتب .
الرسل هم: البشر الذين يحملون شرع الله -تعالى- ويبلغونه إلى الناس، واحدهم رسول، يعني مرسل من ربه، وبالحق الكتاب أنزلا أي وأنزل الكتب على الأنبياء مضمنة لشرعه، فأرسل الرسل، وأنزل الكتب لماذا ؟
لكي بذا العهـــد يذكــروهـم
وينذروهــم ويبـشـــروهـــم
يعني: أن الرسل يذكرونهم بذلك العهد الذي أخذ عليهم وهم في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، يذكرونهم تذكروا أنكم عبيد الله، وتذكروا أن الله ربكم، وتذكروا أنكم خلقه، وأنكم عبيده، وتذكروا أنه خلقكم لعبادته، وتذكروا أنه أخذ عليكم العهد بذلك في عالم الأرواح، أو في عالم الذر، يذكرونهم، وينذرونهم، ويبشرونهم.
قال الله تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ؛ يعني أن الله جعلهم ينذرون الناس؛ ينذرون أهل الكفر، ويبشرون أهل الإيمان، لماذا ؟ لكي لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، صرح بذلك الناظم بقوله:
كي لا يكون حجـة للنــاس بـل
لله أعلى حجــة عــز وجـــل
أي لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، لأجل أن يقطع الأعذار؛ فلا يقولون ما جاءتنا رسل ولا علمنا؛ بل لله الحجة قال تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فهو قد أرسل رسله حتى تنقطع حجة الخلق، وكذلك أنزل كتبه قال تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ؛ أي ما من أمة إلا وقد أنذرهم نذير، أرسل الله -تعالى- إليهم من ينذرهم، وقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فدل على أنه قطع المعذرة، وذكرهم بما خلقوا له.
كي لا يكون حجـة للنــاس بـل
لله أعلى حجــة عــز وجـــل
الحجة لله.