شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
107282 مشاهدة print word pdf
line-top
التبرك بقبر أو حجر ونحوه

قال المؤلف رحمه الله: فصل: من الشرك فعل من يتبرك بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر أو نحوها، يتخذ ذلك المكان عيدًا، وبيان أن الزيارة تنقسم إلى سنية وبدعية وشركية.
هـذا ومـن أعمـال أهل الشرك
مـن غـير مـا تـردد أو شـك
ما يقصــد الجهال من تعظيم ما
لـم يـأذن اللـه بـأن يعظمــا
كـمن يلـذ ببقعــة أو حجــر
أو قـبر ميـت أو ببعض الشجـر
متخــــذا لذلك المكــــان
عيــدا كفعــل عـابدي الأوثان
ثم الزيـارة علـى أقســــام
ثلاثـة يـا أمـــة الإســلام
فـإن نوى الزائـر فيمـا أضمره
فـي نفسـه تذكــرة بـالآخـرة
ثـم الدعـــا لـه وللأمـوات
بـالعفو والصفــح عـن الزلات
ولـم يكـن شـد الرحـال نحوها
ولـم يقـل هجـر كقـول السفها
فتلك سـنة أتـت صريحــــة
فـي السـنن المثبتة الصحــيحة
أو قصـــد الدعـاء والتوسـلا
بهـم إلـى الرحمــن جـل وعلا
فبدعــة محدثــة ضــلالـة
بعيــدة عن هـدي ذي الرسـالة
وإن دعا المقبـور نفســـه فقد
أشـرك باللـه العظــيم وحجـد
لـن يقبـل اللـه تعـالى منــه
صرفـا ولا عـدلا فيعفــو عنه
إذ كـل ذنـب موشك الغفـــران
إلا اتخـاذ النــــد للرحمــن


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وهذا الفصل لخص به من كتاب التوحيد ما يتعلق بالتبرك، التبرك بالأشجار والأحجار، والبقع والقبور والقباب وما أشبهها. ويقصد ذلك المكان يعتقد فيه أنه يؤثر فيمن قصده، وأنه يستفيد منه من سكنه، فيدخل في ذلك التبرك بالتربة كمن يستصحب تربة من تلك البقعة يتمسح بها، ويعتقد أنها تنفعه أو تشفيه أو تدفع عنه سوءا أو ما أشبه ذلك.
وكذلك -أيضًا- إذا تحرى أداء العبادة عندها، كتحري الصلاة في تلك البقعة، واعتقاد أن الصلاة فيها أفضل من الصلاة في المساجد أو ما أشبه ذلك.
التبرك: طلب البركة؛ التي هي كثرة الخير والزيادة.
والحجر: واحد حجارة؛ صغيرًا أو كبيرًا. فيدخل في ذلك التمسح بصخرة كبيرة؛ لاعتقاد أن فيها بركة، أو صخرة صغيرة إذا اعتقد أنها أُخذت من مكان طاهر أو من مكان له ميزة مثل: الذين يتبركون بتلك البقعة التي حول القبر، قبر من يدعون أنه قبر الحسين أو قبر علي في العراق ما يسمى بمشهد الحسين في كربلاء أو مشهد علي في النجف فيأخذون منه حصوات يسجدون عليها، أو يتمسحون بها، يجلبون بها الخير، ويدفعون بها عن أنفسهم الأضرار، والآفات والآثام وما أشبهها، لا شك أن هذا اعتقاد البركة فيما لا مزية له عن غيره، وكذلك الأشجار مثل: من يتبرك بأية شجرة أو ما أشبهها؛ لاعتقاد أن فيها منفعة، أو أنها تدفع ضرًا، أو تجلب خيرا، يقول:
هـذا ومـن أعمـال أهل الشرك
مـن غـير مـا تـردد أو شـك
ما يقصــد الجهال من تعظيم ما
لـم يـأذن اللـه بـأن يعظمــا
دل على أن الذين يقصدونها جهال بحقيقة الإيمان، وبحقيقة العقيدة، وبحقيقة الشرك. وأن أهل العلم لا يقصدون ذلك، فالذي حمل هؤلاء هو الجهل، فيعظمون ما لم يأذن به الله، ما لم يأذن أن يعظم، ويشرعون ما لم يأذن الله تعالى بشرعه، كما في قول الله تعالى أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ هكذا أخبر بأنهم شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله ولم يأمر بتعظيمه.
كـمن يلـذ ببقعــة أو حجــر
أو قـبر ميـت أو ببعض الشجـر
متخــــذا لذلك المكــــان
عيــدا كفعــل عـابدي الأوثان
هذه أمثلة ، (اللياذة) هي: أللجئا إليها، لاذ بالمكان الفلاني يعني التاذ به، والتجأ إليه يتحصن به، وعاذ به، إذا قيل لاذ بالجدار يعني: احتمى به، واختفى من ورائه؛ ليحتمي من أن يصيبه سهم، أو يصيبه حجر يرمى به أو نحو ذلك. فهؤلاء يلوذون بهذه البقع. كيف يلوذون؟ يعني: يلتجئون إليها، ويأتون إليها من مكان بعيد، ويدعون أن فيها نفع وشفاء وبركة.
وقد يسمى ذلك استعاذة، فإن عاذ ولاذ والتجأ واحتمى واحترس وتحصن وتحفظ بمعنى واحد ،أي: يتحفظون بها، ويحترسون بها، ويدعون أنها تحفظهم، وأنها تحصنهم من الشرور، وأنها تحرسهم، أو تنفعهم، أو تدفع عنهم الضر، إذا أقبلوا عليهم، أو ترفع عنهم الشرور التي يخشون منها أو يخافونها، أو ما أشبه ذلك من الاعتقادات الفاسدة.
البقعة: كل قطعة من أرض يدعون أنها موطئ ولي وطئ في ذلك المكان، أو نام فيه، أو جلس فيه؛ فنالته هذه البركة، أو نزلت فيه رحمة وبركة بواسطة دعوته،؛ فيقصدون بقعة من البقاع، ويتبركون بها، ويدعون فيها الخير أنها تنفع أو تشفع أو تدفع أو تأتي ببركة أو ما أشبه ذلك؛ مع أن البقاع جميعها مخلوقة وليس لها مزية إلا ما فضله الله -تعالى- كالمساجد، وكذلك الأماكن المقدسة كالحرمين أو المساجد الثلاثة فأما غيرها فلا مزية لهذه البقعة على هذه البقعة، وكذلك الأحجار يعني صخرة أو ما أشبهها، وكذلك القبور أو الأشجار كلها مخلوقة، وكلها مدبرة. ومعلوم أن الشجر يأتي عليه التغير ولا يدفع عن نفسه، فكذلك البقية.

line-bottom