اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
78180 مشاهدة
من صور الشرك: دعاء المقبور والمغالاة فيه

ثم تمادى بهم الأمر إلى أن دعوا ذلك الميت، وقالوا يا فلان أعطنا، يا ولي الله اشفع لنا، يا ولي الله أجب دعوتنا، ثم آل بهم الأمر إلى الاعتقاد، إلى أن اعتقدوا في هذا المخلوق أنه يملك النفع والضر، وأنه يملك العطاء والمنع؛ فغلوا بذلك ووقعوا في الشرك الأكبر ، وقد ذكر في الأبيات قبله قوله:
وإن دعا المقبـور نفســـه فقد
أشـرك باللـه العظــيم وحجـد
لـن يقبـل اللـه تعـالى منــه
صرفـا ولا عـدلا فيعفــو عنه
إذ كـل ذنـب موشك الغفـــران
إلا اتخـاذ النــــد للرحمــن
أي إن هذا من الشرك الصريح؛ فلا يجوز أن يمكن هؤلاء، ولا أن يقروا على ما هم عليه .
كم حــذر المختـار عن ذا ولعن
فاعـــله كمـا روى أهل السنن
فحذر من هذا الفعل، ولعن عليه، يعني: من البناء على القبور، واتخاذها مساجد، أي يصلى عندها، ولعن فاعله؛ ولا شك أن ذلك منه خوفا على أمته، ومع ذلك فقد وقع ما حذر منه ، وقع منهم الغلو في الأموات، في الأنبياء، وفي غيرهم، ووقع منهم ما حذر عنه من هذا البناء على القبور، أو ما أشبهها، والواقع قديما وحديثا يشهد بذلك .
فمن الغلو ما اشتهر في قصيدة قديمة لشاعر يقال له البوصيري وتسمى تلك القصيدة البردة، فقد غلا في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعطاه حق الله تعالى مثل قوله:
يا أكرم الخلق مـا لي من ألوذ به
سواك عنـد حـلول الحـادث العمم
ما لي من ألوذ به سواك نسي الله تعالى أنه هو الملاذ، وهو المعاذ عند حلول الحادث العمم.
إن لم تكن في معادي آخـذا بيدي
فـضلا وإلا فقــل يا زلـة القدم
إذا ما أنجيتني وأخذت بيدي؛ فإني هالك، نسي أن الله تعالى هو الذي يعذب من يشاء، ويرحم من يشاء.
وكذلك يقول في مدحه:
فـإن من جودك الدنيـا وضرتها
ومن علومك علم اللـوح والقلم
جعل الدنيا والآخرة كلها بعض من جوده، إذا كان كذلك فما بقي لله تعالى؟! ما أبقى لله شيئا، ثم تدخل في علم الغيب بقوله: ومن علومك علم اللوح والقلم، أي: كل ما خط في اللوح المحفوظ؛ فإنه من علومك، أي إنك تعلم الغيب مع أن الغيب لا يعلمه إلا الله، فهذا من جملة الغلو ، ثم جاء بعده من سلك هذا المسلك في غيره من المخلوقين، واعتقدوا أن هؤلاء الذين يعبدونهم أنهم يملكون كل شيء.
أتذكر أني مرة واقف في عرفات وإذا أحد السودان من دولة السودان يلهج بقوله يا عبد القادر أنجنا، يا عبد القادر أعطنا، اقبل منا، اشفع لنا، تولنا، من عبد القادر ؟ فقال: سيدنا الجيلاني أليس عبد القادر عبد؟ لماذا تدعو عبد القادر ولا تعبد القادر؟ القادر من هو؟ أليس هو الله؟ ألست تعترف بأنه عبد؟ عبد القادر هل هو أكرم من القادر ؟ أي: من الله تعالى؛ فأصر على دعائه ثم صرح بعقيدته، فقال: إن عبد القادر يملك النفع والضر، إنه لا تنزل قطرة من السماء إلا بإذن عبد القادر، إنه لا تنبت حبة في الأرض إلا بإذن عبد القادر، وهكذا فالحاضرون قالوا: كفرنا بعبد القادر ماذا يضرنا؟ فعند ذلك استعظم هذه الكلمة، واستكبرها، تكبر أنكم تقولون إن عبد القادر ضعيف، أو أنكم كفرتم به .
فإذا كان هذا غلوهم في مثل هذا المخلوق الذي هو عبد؛ فكيف بغلوهم في الأنبياء ونحوهم؟ لا شك أن هذا أثر تلك الحكايات الباطلة التي تحكى عنه، يحكون عنه حكايات لا أصل لها ذكر بعضهم:
إنه أتي بكبش مطبوخ أو مشوي هو ومن حوله، فقال: كلوا من لحمه، واتركوا عظامه متواصلة، ولما أكلوا اللحم، قال للكبش: قم يا كبش بإذن الله؛ فقام الكبش حيا، وهم ينظرون بعدما أكلوا لحمه، عاش ونبت عليه لحمه، ونبت عليه جلده، ونبت عليه صوفه، هذه من الخرافات التي يدعون بها أن عبد القادر يحيي الموتى .
وذكروا: أن امرأة جاءت إليه وقالت: إن ولدي مات قبضت روحه الآن، وإنه وحيدي وليس لي غيره، ادع الله أن يحييه لي، فقال: أنا أفعلها، ثم طار عبد القادر في الهواء، وأدرك ملك الموت، وقد قبض بعض الأرواح، عددا كثيرا من الأرواح، وجعلها في زنبيل، صاعدا بها؛ فجاء إليه عبد القادر وقال: رد روح فلان، فقال: أنا مأمور، فأخذ ذلك الزنبيل، وحركه؛ حتى انبثت ما فيه من الأرواح التي قبضها في ذلك اليوم؛ فعادت كل روح قبضت ذلك اليوم إلى صاحبها؛ فعاش ذلك الولد، وعاش كل من كان قبض ذلك اليوم.
هذا أيضا من الخرافات لما سمعوا هذه الخرافات ظنوا أن عبد القادر إله، وأنه خالق، وأنه يملك؛ فصاروا يدعونه، يدعى في الشرق وفي الغرب؛ هذا من آثار هذه العقائد الباطلة .
يقول:
بل قد نهــى عن ارتفاع القبر
وأن يـزاد فيـــه فـوق الشبر
فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ترفع القبور فقال: لعلي -رضي الله عنه- لا تدع .