إثبات كل صفات الله الواردة في القرآن والسنة الصحيحة
بعد ذلك يقول:
وكـل مـا لــه من الصفــات | أثبتهــا في محكــم الآيــات |
أو صــح فيما قالـه الرســول | فحقـــه التســليم والقبــول |
أي: كل صفات الله - غير الذي ذكر- فإننا نقبلها إذا جاءت في الآيات أو جاءت فيما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- نقبلها، ولا نرد شيئا منها، نصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به نبيه - صلى الله عليه وسلم.
نمرهــا صريحــة كمـا أتـت | مـع اعتقــادنا لمــا له اقتضت |
نمرها يقول السلف: أمروها كما جاءت، يعني: نمرها ونعتقد دلالتها.
نمرهــا صريحــة كمـا أتـت | مـع اعتقــادنا لمــا له اقتضت |
فإذا مر الحديث الذي فيه الفرح في قوله في الحديث:
لله أشد فرحا بتوبة عبده 
نقول: نثبت الفرح -كما جاء- ولا نكيفه، وإذا جاء الحديث الذي فيه العجب، كقوله:
عجب ربك من قنوط عباده 
نثبت العجب كما جاء ونعتقد حقيقته؛ ولكن لا نكيفه، إذا جاء الحديث الذي فيه الضحك كقوله:
يضحك الله إلى رجلين 
نقول: نمره كما جاء ونعتقد حقيقته، ولا نكيف الضحك، وننزهه أن يكون مثل ضحك المخلوق وغير ذلك.
من غيــر تحـريف ولا تعطـيل | وغــير تكييــف ولا تمثيــل |
التحريف هو: تغيير الكلام عن ما هو عليه، ينقسم إلى تحريف لفظ، وتحريف معنى، فتحريف اللفظ: مثل تحريفهم
اسْتَوَى 
باستولى زيادة لام هذه اللام زائدة في كتاب الله – تعالى - ولذلك شبهها ابن القيم بالنون التي زادها اليهود في قوله:
حِطَّةٌ 
قالوا: حنطة، فيقول في النونية لما ذكر تحريفهم قال:
نـون اليهـود ولام جهمي همـا | فـي وحي رب العـرش زائـدتان |
وكذلك تحريف بعضهم لما قرأ الآية: وكلم اللهَ موسى تكليما - هذا تحريف لفظ، وأما تحريف المعنى: فكثير مثل قولهم:
بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ 
أي قدرتاه، ومثل قوله:
لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ 
أي بقدرتي، وأشباه ذلك.
والتعطيل: هو نفي الصفات يعني تعطيل الله تعالى عن صفات الكمال، فإن التعطيل هو النفي كقوله تعالى:
وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ 
أي ليس فيها ساكن، وغير تكييف، التكييف: هو ذكر الكيفية كأن يقال: صفة النزول كذا، أو صفة الاستواء كذا وكذا، والذين فسروا الاستواء، فسروه بأربع تفاسير، ومع ذلك ينفون عنه التشبيه، نظمها ابن القيم في قوله:
ولهـم عبـارات عليهــا أربــع | قــد حـررت للفـارس الطعـان |
وهي اسـتقر وقـد علا وكذا ارتفع | الـذي مـا فيـــه مـن نكـران |
وكذاك قـد صعـد الـذي هـو رابع | وأبو عبيــدة صـاحب الشـيباني |
يختـار هـذا القـول فـي تفسـيره | أدرى مـن الجـهمي بـالقــرآن |
فلا يسمى هذا تكييفا؛ وإنما هو تفسير للكلمة، وأما التكييف: فإنه ذكر الكيفية كأن يقال: كيفية استوائه كذا وكذا.
وأما التمثيل: فهو التمثيل لصفات الخالق بصفات المخلوق، كأن يقال: لله يد مثل أيدينا،ووجه مثل وجوهنا، وكذا وكذا، فإننا لا نقر ذلك؛ لقوله تعالى:
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ 
.
بـل قولنــا قول أئمــة الهـدى | طوبى لمــن بهديهم قد اهتــدى |
أئمة الهدى: السلف الصالح، كالأئمة الأربعة، وكذلك أهل الكتب، كأهل الصحيحين، وأهل السنن، ومن في زمانهم من الأئمة، كلهم على هذا المذهب.
وسـم ذا النــوع من التوحيــد | توحيد إثبـــات بلا ترديــــد |
هذا النوع يسمى توحيد الإثبات، كما تقدم في قوله: توحيد المعرفة والإثبات؛ فيسمى التوحيد الثبوتي، والتوحيد العلمي، والتوحيد الخبري، والتوحيد الاعتقادي . ثبوتي لأنه إثبات صفات، وعلمي لأنه علوم نتعلمها، وخبري لأنه يعتمد الأخبار، واعتقادي لأنه يعقد عليه القلب.
قد أفصـــح الوحي المبــين عنه | فـالتمس الهـــدى المنير منـه |
الوحي يعني القرآن أفصح عنه وجاء به.
لا تتبــع أقــوال كــل مــارد | غاو مضـل مـارق معــــاند |
لا تتبع أقوال الماردين: يعني المضلين الضالين، كأنه شبههم بالشياطين، في قوله تعالى:
مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ 
غاو مضل، الشيطان كذلك:
إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ 
.
مارق: المارق: هو الخارج عن الاستقامة، كما في قوله:
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية 
معاند: يعرفون الأدلة صريحة ولكنهم يعاندون في ردها ويتأولونها، بحجة أنها تخالف العقول.
فليـس بعـــد رد ذا التبـــيان | مثقـــال ذرة مـن الإيمـــان |
من رد هذه الأدلة الواضحة؛ فليس معه من الإيمان مثقال ذرة - نعوذ بالله من الحرمان.