شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
بيان القول في القرآن
بعد ذلك تكلم على القرآن قال:
والقــول في كتـابـه المفصــل | بأنـــه كلامـــه الـمـــنزل |
على الرسول المصطفى خير الـورى | ليس بمخلــوق ولا بمفــــترى |
يحفـظ بـالقلـب وباللســـــان | يتلــى كمــا يسمـع بـــالأذان |
كذا بـالأبصــار إليـه ينظــــر | وبالآيــات خطــــه يسطـــر |
وكل ذي مخلوقـــة حقيقــــة | دون كــلام بــارئ الخليـقـــة |
وأول من أنكر صفة الكلام الجعد بن درهم اسم> الذي قتله خالد القسري اسم> في يوم عيد الأضحى، وقال: أيها الناس، ضحوا تقبل الله ضحاياكم؛ فإني مضح بالجعد بن درهم اسم> إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم اسم> خليلا، ولا كلم موسى اسم> تكليما، -تعالى- الله عما يقول الجعد اسم> ثم نزل وذبحه، ومدحه ابن القيم اسم> في النونية، حيث يقول:
ولأجل ذا ضحــى بـجـعــــد | خالد القسـري اسم> يوم ذبائـح القربـان |
إذ قال إبـراهيـم ليـس خليلـــه | كلا ولا مـوســى الكليم الـدانـي |
شكـر الضحيـة كل صاحب سنــة | لله درك مـن أخــي قـربـــان |
وكان من أشهرهم الإمام أحمد بن حنبل اسم> - رحمه الله - وذلك لأن له مكانة في النفوس، وكان الناس يترقبون ما يقوله، فلما كان كذلك قال له بعض من حوله: أجبهم وأنت مكره، فامتنع وأصر وصبر، ولكن مات المأمون اسم> قبل أن يؤتى بالإمام أحمد اسم> وتقلد هذه المقالة بعده أخوه المعتصم اسم> وهو الذي تولى تعذيب الإمام أحمد اسم> وجلده جلدا شديدا، حتى كاد أن يموت من شدة الجلد، وسجن وأطيل سجنه، ولكن مع ذلك كان يَجمع له علماء المعتزلة فيأتون بحجة فيبطلها، ويأتيهم بعشر حجج فلا يقدرون على الرد عليه، حتى أظهره الله -تعالى- وأظهر الحق في خلافة المتوكل اسم> .
والحاصل: أن فتنة القول بخلق القرآن فتنة عظيمة، وقعت بسببها مصائب على الأمة، ولا يزال المعتزلة وعلى طريقتهم الآن الرافضة الموجودون في المملكة اسم> وعلى طريقتهم أيضا الإباضية الموجودون في عمان اسم> فإن هذا معتقدهم؛ أن القرآن مخلوق، وأنه ليس كلام الله، وأن الله تعالى لا يتكلم، قد ذكرنا لكم بالأمس أن مفتي أهل عمان اسم> الذي يقال له أحمد الخليلي اسم> ألف كتابا، سماه باسم يريد به أن يشتهر ( الحق الدامغ )؛ مع أنه باطل متهافت، وضمنه كما ذكرنا ثلاث مسائل: إنكار الرؤية، وإنكار أن القرآن كلام الله، وإنكار قدرة الله -تعالى- على أفعال العباد، يقول:
والقول فـي كتـابــه المفصــل | بأنـه كـلامــــه الـمـــنزل |
فالقرآن كلامه منزل، قال تعالى: رسم> وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ قرآن> رسم> لم يقل: خلق رب العالمين، قال بعض العلماء: إن الله ذكر الإنسان في القرآن سبعة عشر مرة، صرح فيها بأنه خلقه وبأنه مخلوق، وذكر القرآن في نحو خمسين موضعا أو أكثر، ولم يذكر أنه خلقه، من ذلك قول الله تعالى: رسم> الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ قرآن> رسم> آيتين متتاليتين رسم> عَلَّمَ الْقُرْآنَ قرآن> رسم> ما قال: خلق القرآن.
فالحاصل: أن القرآن كلام الله وليس بمخلوق، وللذين يقولون إنه مخلوق شبهات، بينها العلماء - رحمهم الله - ناقش بعضها ابن أبي العز اسم> في شرح الطحاوية وغيره.
والقول فـي كتـابــه المفصــل | بأنــه كـلامـــه الـمـــنزل |
على الرسول المصطفى خير الـورى | ليس بمخلــوق ولا بمفــــترى |
( منزل على الرسول المصطفى خير الورى ) المصطفى: من صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه خير الورى، ثم قال: ( ليس بمخلوق ) يعني: ننزهه أن يكون مخلوقا؛ فإنه من كلام الله -تعالى- ومن علمه، وكل ما هو من علمه فإنه ليس بمخلوق، ( ولا بمفترى ) ردا على المشركين الذين يقولون: افتراه، رسم> أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قرآن> رسم> رسم> أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا قرآن> رسم> وقالوا: رسم> إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ قرآن> رسم> فكذبهم الله -تعالى- وأخبر بأنه ليس بمفترى: رسم> أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا قرآن> رسم> .
مسألة>