اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
107299 مشاهدة print word pdf
line-top
النبي صلى الله عليه وسلم لا يغني عن أحد من الله شيئا

أَمَّا الحديث الثالث: عن أبي هريرة القصة وقعت بمكة أبو هريرة ما حضرها، ولكن سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك جزم بها. ذَكَرَ أنه لما نزلت الآية الكريمة في سورة الشعراء وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ أراد أن يعمل بها عملا ظاهرا، فوقف على الصفا ونادى: يا صباحاه !! فلما قال ذلك؛ سمع الناس الذين حوله، فجعل كُلٌّ يأتي إلى الصوت، وبعضهم إذا لم يقدر أرسل بدله مَنْ يقوم مقامه، فاجتمعوا كل أشراف قريش وأكابرهم، فأخذ يدعوهم بقربهم منه قبيلةً قبيلةً لأنهم كلهم من قريش، يعني: أهل مكة .
يقول في بعض الروايات: أَنَّهُ قال: يا بني لُؤَيِّ بن غالب، أنقذوا أنفسكم من النار، لا أُغْنِي عنكم من الله شيئا ولُؤَيٌّ جَدٌّ بعيد، ثم جاء بالْجَدِّ الذي دونه، قال: يا بني كعب بن لُؤَيٍّ أنقذوا أنفسكم من النار، لا أُغْنِي عنكم من الله شيئا، ثم قال: يا بني مُرَّة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، لا أغني عنكم من الله شيئا، ثم قال: يا بني كلاب بن مُرَّة أنقذوا أنفسكم من النار، ثم قال: يا بني قُصَيِّ بن كلاب أنقذوا أنفسكم من النار، ثم قال: يا بني عبد مناف بن قُصَيٍّ أنقذوا أنفسكم من النار، ثم قال: يا بني هاشم بن عبد مناف - الذي هو جَدُّ أبيه- ثم قال: يا بني عبد المطلب -الذين هم أعمامه.
فَقَوْلُهُ: يا معشر قريش، يعني: المعشر: هم الجماعة، يعني: يا قريش! الذين أنا منكم وتعلمونني، في بعض الروايات أنه قال- قبل ذلك أو بعده: لو أخبرتكم أَنَّ خيلا وراء هذا الجبل تُصَبِّحُكم أو تُمَسِّيكم، هل كنتم مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: فإني رسول الله إليكم، أو نذير لكم بين يَدَيْ عذاب شديد فقال أبو لهب تَبًّا لك! ألهذا جمعتنا؟! ثم في بعض الروايات أَنَّهُ قال: إني أريد منكم كلمة، تَمْلِكُون بها العرب، وتَدِينُ لكم بها العجم. فقالوا: كلمةٌ واحدةٌ! لك عشرٌ!! فقال: أن تقولوا لا إله إلا الله.. فنفروا من هذه الكلمة، وقالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا .
والحاصل والشاهد من هذا الحديث: قوله: لا أملك لكم شيئا قاله للقبيلة كُلِّهَا، ولأفرادها. وقال للعباس لا أَمْلِكُ لكَ شيئا مع أنه عمه أخو أبيه، وقاله لِعَمَّتِهِ صفية وكانت قد أسلمت: لا أملك لكِ شيئا وقاله لفاطمة لا أملك لكِ من الله شيئا أو في رواية: لا أغني عنكم من الله شيئا.
اعترف بأنه لا يملك لهم شيئا، وأنهم هم الذين يُؤْمَرُون بأن يُنجوا أنفسهم، أنقذوا أنفسكم من النار، أنقذوا أنفسكم من العذاب؛ فإني لا أغني عنكم من الله شيئا، إنما تنجيكم أعمالكم.
دلالةٌ واضحةٌ: لا أُغْنِي عنكم من الله شيئا فاطمة ابنته -التي هي أقرب الناس إليه-لم يقدر إلا أن يقول: سليني من مالي ما شئتِ إنما أملك المال الذي بيدي، سليني منه ما شئتِ وأَمَّا أمر الآخرة، وأمر النجاة من النار؛ فلا أملكه ، إنما الله تعالى هو الذي يملكه، أَنْقِذي نفسكِ من النار، لا أُغْنِي عنكِ من الله شيئا هذه مقالته لقريش، وهم عشيرته الأقربون، فيهم إسلام، وفيهم كفر، ومع ذلك يأمرهم بأن يعملوا العمل الصالح الذي يُنْجِيهم من عذاب الله، ولا يعتمدوا على قَرَابَتِهِ، ولا يقولوا: إنه ينقذنا، أو يأخذ بأيدينا؛ لأنه قريبنا، ولأنه مِنَّا. وكذلك أيضا لا يدعونه، لا هم ولا غيرهم، ولا يسألونه شيئًا ما، مِمَّا لا يُسْأَلُ إلا من الله تعالى.
وفي حديث الغلول نحوٌ من هذا: لَمَّا ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- الْغُلُول قال: لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رُغَاء ٌ - يعني قد غَلَّهُ وأخذه بدون حَقٍّ- فيقول: يا محمد ! يا محمد ؛ فأقول: لا أَمْلِكُ لك شيئا لا أملك لك من الله شيئا، قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة وعلى رقبته بقرة لها ثغاء ثم قال: شاة لها يُعَارٌ، ثم قال: وعلى رقبته فرس لها حَمْحَمَةٌ- يعني قد غَلَّهَا- كلهم يقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك يعني: قد بَلَّغْتُكَ ما أرسلت به، فلا أملك لك نجاة، ولا أملك لك شيئا، إنما ينجيكم عملكم، الحديث والأحاديث غيره، والآيات صريحة في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يملك لأقاربه شيئا من أمر الله تعالى، فهو رَدٌّ على الذين يتعلقون بقرابتهم منه، ويُفَضِّلُون أنفسهم، يَدَّعُون أنه ينفعهم، أو يشفع لهم!! فنقول: إذا كان أقاربه: وعمه، وعمته، وابنته قد أمرهم بقوله: أنقذوا أنفسكم من النار، فكيف بمن بعدهم ممن هو بعيد أو قريب؟! والله أعلم، وصلى الله على محمد .
أسئـلة
بسم الله الرحمن الرحيم
س: فضيلة الشيخ هذا سائل يقول: إني أحبكم في الله وأشهد الله على ذلك. يقول: أنا موظف حكومي وفي .. العمل الرسمي أقوم بالبيع والشراء في أشياء .. وذلك لأن علي مبلغ من الدين والراتب لا يكفي علما بأنني لا.. العمل فما حكم البيع والشراء وأنا موظف نرجو تفصيلكم.
لا بأس بذلك شرعا، منع الموظفين من مزاولة التجارة محافظًة على أعمالهم؛ لأنه إذا اشتغل بالتجارة عادة أنه يتأخر حضوره عن مقر العمل، أو يخرج مُتَقَدِّمًا، أو يأتيه مُرَاجِعُون في مَقَرِّ عمله، يشغلونه عن وظيفته، أو يتصلون به هاتفيا، أو يشتغل هو بأدوات الحكومة كالهاتف الحكومي في تجارته، أو الأوراق الرسمية. فأما إذا كان في إجازة فلا مانع من أنه يشتري شيئا في تلك الإجازة، ويبيعه بربح ليربح فيه ، فإن وقت الإجازة له التصرف كما يريد .
س: وهذا سائل يا شيخ يقول: فضيلة الشيخ متى ..مريض الحدث الدائم، والسؤال الثاني ..الدم..
ذكر العلماء أنه يَتَوَضَّأُ بعد دخول الوقت، إذا كان حدثه دائما، كصاحب السَّلَسِ الذي لا يتماسك بوله، يتقاطر من غير اختيار بدون اختياره، فمثل هذا إذا تَوَضَّأَ بعدما يدخل الوقت، وصَلَّى -ولو كان يتقاطر- صلاته صحيحة، ويكون البول نَجِسًا على غيره، طاهرا في حَقِّهِ حتى يخرج الوقت. إذا خرج الوقت تَوَضَّأَ للصلاة ثانية.
كذلك أيضا: مثل القروح السَّيَّالة، إذا كان فيه جرح فإنه يصلي ولو كان مستمرا، قد صلى عمر رضي الله عنه وجرحه يثعب دما؛ لأنه لا يقدر على إيقافه، والدم نجس. وصلى صحابي رمي وهو يصلي، فصلى وجرحه يسيل، ولم يقطع الصلاة؛ لأن هذا حدث دائم، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة أنها تصلي، ولكن قال في حديث فاطمة بنت أبي حبيش وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صلاة هذه الرواية عند البخاري توضئي لكل صلاة ؛ فكانت تصلي والدم يتقاطر، تجعل تحتها طستا أو نحوه؛ فَدَلَّ ذلك على أَنَّ مَنْ حَدَثُهُ دائم يصلي، ولو تقاطر ذلك الحدث.
وأما البلغم: فقالوا: إذا أخرج النخامة، ووصلت إلى لسانه، ثم ابتلعها فإنه يفطر بها، وأما إذا لم تخرج، بل كانت في حَلْقِهِ، وكذلك البلغم اليسير الذي يكون في الحلق، ولا يُخْرِجُهُ، فلا يفطر.
س: وهذا سائل أو شخص.. وبعد يوم.. لكي تذهب معنا .. العمرة .. فحصل .. العمرة وجامعها زوجها، وفي اليوم التالي في هذه العمرة بعد .. فماذا عليها أو على زوجها .. العمرة ..
في هذا السؤال: يظهر أنه قد مَرَّ بالأمس: إذا كانت تريد العمرة فلا يَصِحُّ إحرامها من جدة بل تُحْرِمُ من الميقات، وإذا أحرمتْ من الميقات بَقِيَتْ على إحرامها، ولا يجوز لها إبطال الإحرام، ولا يجوز لزوجها حملها على إبطال الإحرام، ففي هذه الحال هي باقية على عُمْرَتِهَا، وكونه وطئها زوجها، نقول: هذه العمرة التي وطئها فيها فسدت، ولكن مع فسادها لا بد من إتمامها، ولا بد من الإتيان بعمرة جديدة، ولا بد من فدية، وهي شاة تُذْبَحُ لمساكين الحرم من باب التسهيل، وإلا فإن أكثر العلماء يقولون: الفدية بَدَنَةٌ، وعلى كُلِّ حال: عليها فدية، حيث أنها بَطَلَ إحرامها، وعليها إتمامه، حيث إنها أَتَمَّت العمرة في إحرامها من جدة نقول: هي باقية على إحرامها. عليها الفدية التي هي الذبيحة، وحيث أنها تمت عمرتها حصل التحلل.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ . ما هو حكم تركيب اللولب لمنع ..الحمل للحالة الصحية ولتربية الأولاد.
يمكن أن يجوز هذا إذا اتفق عليه الزوجان. هذا اللولب له تأثير في العادة؛ لأنه يقلل خروج الدم، وتزيد أيام العادة الشهرية، تكون عادتها قبله ستة أيام، فتصير عشرة أو تسعة؛ لأنه يقلل خروج الدم، فَيُشْكِلُ أمرها بالنسبة إلى الصلاة في هذه المدة الزائدة، يقول المشائخ: إن هذا شيء جديد، ما كان معروفا عند المتقدمين؛ فلأجل ذلك قالوا: تبقى أيامَ عادتها، وتعتبر ما زاد من الاستحاضة، وأما بالنسبة إلى التركيب، فإذا اتفق عليه الزوجان؛ فلعل ذلك جائز بِقَدْرِ الحاجة، والله أعلم، وصلى الله على محمد .

line-bottom