شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
بسم الله الرحمن الرحيم
باب: فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب، وقول الله تعالى: رسم> الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قرآن> رسم> .
عن عبادة بن الصامت اسم> -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا اسم> عبده ورسوله، وأن عيسى اسم> عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم اسم> وروح منه، والجنة حق، والنار حق؛ أدخله الله الجنة على ما كان من العمل متن_ح> رسم> .
ولهما من حديث عتبان اسم> رسم> فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله متن_ح> رسم> .
وعن أبي سعيد الخدري اسم> -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> قال موسى اسم> -عليه السلام- يا رب علمني شيئا أذكرك وأدعوك به قال: قل يا موسى اسم> لا إله إلا الله، قال: كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى اسم> لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأراضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله رسم> رواه ابن حبان والحاكم وصححه وللترمذي وحسنه حديث> .
عن أنس اسم> رسم> سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قال الله تعالى: يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة متن_ح> رسم>.
في هذا الباب ذكر فضائل التوحيد، ذكر فيه آية وأربعة أحاديث، الآية فيها فضيلتان من فضائل التوحيد: الأمن والاهتداء والحديث الأول فيه فضيلة وهو دخول الجنة لأهل التوحيد على ما كان من عمل، والحديث الثاني فيه فضيلة وهو: تحريمه على النار، والحديث الثالث فيه فضيلة وهو: كونه يرجح بالأعمال؛ بل يرجح بالسماوات والأرض، والحديث الرابع فيه فضيلة وهو: كونه يكفر الذنوب.
(فضل التوحيد) يعني: فوائده وما يحصل لأهله الذين يحققونه، ما يحصل لهم من الفضل، والمراد هاهنا الذين وحدوا الله تعالى توحيدا كاملا، وأخلصوا له العبادة، ولم يلتفتوا بقلوبهم وأعمالهم إلى غيره؛ فإنهم أهل التوحيد الذين يحصلون على هذه الفوائد، فالآية في سورة الأنعام قال تعالى: رسم> الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ قرآن> رسم> لما نزلت وفيها رسم> وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قرآن> رسم> خاف الصحابة وقالوا: رسم> يا رسول الله، وأينا لم يظلم نفسه ؟ فقال: إنما ذلكم الشرك متن_ح> رسم> ؛ لقول الله تعالى: رسم> يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ قرآن> رسم> .
يعني أن الإيمان هاهنا هو: الإيمان التام، الذي لا يكون فيه لبس بشرك، رسم> وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ قرآن> رسم> يعني ما خلطوه بشرك؛ بل توحيد خالص، وتوحيد صادق، ليس فيه ما يخالطه، هذا هو معنى هذه الآية لم يخلطوه بشرك.
والظلم قد يطلق على ظلم النفس، في حديث أبي بكر اسم> -رضي الله عنه- رسم> قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني متن_ح> رسم> مع أن أبا بكر اسم> -رضي الله عنه- من خيرة الصحابة؛ ومع ذلك أمره بأن يعترف: إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، فليس منا إلا من قصر في حق نفسه، وقصر في حق ربه، وغفل وسها؛ ولكن الظلم في هذه الآية رسم> وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قرآن> رسم> ؛ هو: الشرك والكفر .
قال تعالى: رسم> وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ قرآن> رسم> يقول بعض المفسرين: الحمد لله الذي قال: رسم> وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ قرآن> رسم> لم يقل والظالمون هم الكافرون، فإذا حصل الإيمان الصحيح، والتوحيد الخالص الذي لم يخلط بشرك؛ لا بشرك صغير، ولا بشرك كبير؛ فإنه يحمل في الحقيقة على الإحسان، وعلى الأعمال الصالحة، ويكون صاحبه من الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون، فيكون على هذا مستحقا للأمن وللاهتداء، فتحصل له فائدتان من فوائد هذا التوحيد الأمن والاهتداء.
ولا شك أن الإيمان أهله يتفاوتون، وكذلك التوحيد، فكذلك أيضا الأمن والاهتداء يتفاوت قدرها؛ فمن الناس من يكون آمنا أمنا مطلقا، آمنا من الخوف في الآخرة، آمنا من عذاب القبر، آمنا من عذاب الفزع الأكبر في الآخرة، آمنا من سوء الخاتمة، آمنا من مغبة الكفر ونحوه، آمنا من عذاب النار، ومن دخولها، ومن رؤيتها، رسم> أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ قرآن> رسم> ؛ هذا له الأمن التام، وكذلك أيضا يكون من المهتدين؛ مهتديا في دنياه، مهتديا في دينه، مهتديا في عقله، ومهتديا في أعماله، يكون على سبيل الهدى، رسم> لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ قرآن> رسم> الأمن التام والاهتداء التام.
وأما إذا كان معه شيء من المعاصي فقد يكون له مطلق الأمن لا جميع الأمن؛ وذلك لأن العصاة قد يعتريهم فزع، قد يعتريهم شيء من الخوف، ولكن الأمن التام أي الأمن لهم مطلق الأمن، يعني أنهم وإن دخلوا النار فإنهم آمنون من الخلود، قد يدخلها بعضهم ولكن لهم الأمن أنهم يُخرجون منها، ألا يخلدوا فيها، فمآلهم إلى دخول الجنة، هذا هو الأمن، الأمن يعني ينقسم إلى: أمن مطلق، وأمن مقيد، الأمن المطلق هو: الأمن التام من دخولها ومن الخلود فيها، والأمن المقيد هو: الأمن من الخلود وإن دخلها، تجدون هذا موضحا في فتح المجيد وغيره.
مسألة>