إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
107377 مشاهدة print word pdf
line-top
الزيارة البدعية للقبور

أما القسم الثاني من الزيارة: فهو الذي يقصد الدعاء والتوسل بهم إلى الرحمن جل وعلا.
أو قصــد الدعاء والتوسلا
بهـم إلى الرحمن جل وعلا
فبدعــة محدثـة ضلالـة
بعيدة عن هدي ذي الرسالة
هذه الزيارة زيارة القبور بهذا القصد بدعة محدثة، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار وهو إذا زارهم يقصد الدعاء عندهم، أو يقصد الصلاة عند القبر، أو يقصد التوسل به إلى الله -تعالى-. يعتقد أن الدعاء في هذه البقعة أقرب إلى الإجابة، إذا دعا عند القبر وعند هؤلاء القبور، قد يكون أقرب إلى أن يقبل دعاؤه، وأن يستجاب له، ويعطى سؤله، فهذا بدعة، فليس المقبرة بأفضل من المساجد.
من أراد أن يدعوا، فإنه يدعو في المساجد؛ لأنها أماكن العبادة، فكونه يعتقد أنَّا إذا دعونا عند هذا القبر أو عند هذه القبور؛ كان ذلك أقرب إلى أن الله يقبل منا، ويعطينا سؤلنا، ويستجيب دعوتنا؛ فيكون بذلك مبتدعا، وإذا قال: أنا ما دعوت الميت إنما دعوت الله -تعالى- فنقول: لماذا خصصت هذه البقعة؟ لماذا خرجت من بيتك إلى هذا المكان؟ لماذا لم تدع في المسجد؟ لماذا لم تدع في المساجد المشرفة؟ لا شك أنك تعتقد أن هذه البقعة لها أهمية، ولها مكانة، ففعلك هذا يعتبر بدعة محدثة، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة بعيدة عن هدي صاحب الرسالة.
وكذلك إذا قال: أتوسل بهذا الميت - يعني - أجعله واسطة بيني وبين الله تعالى، أتوسل به وأتبرك به، والتبرك غير التقرب - كما لا يخفى - نقول: إن التوسل لا يصح بمثل هؤلاء الأموات، فلا تقل: يا رب اقبل دعائي بواسطة السيد فلان، أو يا رب أتوسل إليك بفلان أو بفلان، هذا التوسل لا شك أنه تعظيم لهذا الميت، ومن عظم مخلوقا؛ فقد وقع في الشرك، وهو لا يشعر، هذا هو النوع الثاني من الزيارة.

line-bottom