جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
الحلول الشرعية للخلافات والمشكلات الزوجية والأسرية
43698 مشاهدة
المقدمة

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [ آل عمران: 102 ].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [ الأحزاب: 70 ].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [ النساء: 1 ].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وبعد:
فإن الخير والتوفيق والرشاد في اتباع كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فالقرآن فيه الهدى والرحمة للعباد كما قال تعالى: هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [ الجاثية: 125 ].
وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- مبينة لكتاب الله ومفسرة لما أجمل فيه من الأحكام.
وإن مما اهتم به الإسلام هو الأسرة المسلمة، فقد وردت آيات كثيرة في كتاب الله -عز وجل- تنظم الأسرة وتقيم صلبها وتعالج مشاكلها، ثم جاءت السنة النبوية المطهرة فأتمت الأمر وأوضحته، وكانت سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- خير مثال على حسن رعاية الأسرة وتعليمها، والمحافظة عليها والقيام بحقوقها.
لقد حرص الإسلام على صيانة الأسرة من التفكيك والانهيار ومن الشقاق والشتات، وأحاطها بسياج متين من الآداب والأخلاق، وأرسى المبادئ القويمة التي تدرأ عنها المشكلات والخلافات التي تنغص على الزوجين سعادتهما وتذهب بالمودة والسكينة بينهما، كما منع الإسلام كل ما من شأنه أن يفرق بين أفرادها أو يعيق الأسرة عن تحقيق أهدافها.
لقد اهتم الإسلام بالأسرة اهتمامًا بالغًا؛ لأنها اللبنة الأولى التي يتكون منها صرح المجتمع، وهي المدرسة الإيمانية التي تخرِّج الأجيال المسلمة.
وإن من الملاحظ في عصرنا هذا أن الخلافات والمشكلات الأسرية والزوجية أصبحت منتشرة، وتعددت أشكالها وصورها على نحو لم يعهد من ذي قبل، بسبب كثرة الفتن وانتشارها، والنزاع الموجود بين الأزواج والأسر إذا لم ينته ويعالج بموجب الشرع فإنه يجعل البيوت دائمًا تعيش في نكدٍ واضطراب مستمر، وذلك يهدد الأولاد بالتشرد والضياع والانحراف.
ولو رجع المسلمون إلى قواعد الإسلام وتشريعاته الغراء لوجدوها تتسم بالواقعية والفعالية في معالجة نوازع الخلاف وعوامل الإثارة والاضطراب.
إن الأمن والسعادة سواء في نطاق الأسرة أو المجتمع لا يتحققان بمجرد البطش والإرهاب، ولا يتوافران بقوة الحديد والنار؛ بل بتهذيب النفوس وتطهير الأخلاق وتصحيح المفاهيم، والاستمساك بشرائع الإسلام والعمل بها في جميع مجالات الحياة، وإذا توفر ذلك توفرت أسباب الأمن في المجتمع وتهيأت للأسرة دعائم الاستقرار.
إنك لو رجعت إلى إحصائيات ملفات القضاء في العالم ودور المحاكم والشرطة وجهات الأمن الأخرى، وأخذت تحصي منها ما يتصل بقضايا الأسرة ومشاكل الحياة الزوجية، وجدت أن معظم المشكلات والخلافات التي تحدث بين الأسر وبين الأزواج إنما مصدرها البعد عن أحكام الإسلام وتشريعاته في نطاق الأسرة، والأخذ بتلك القوانين القاصرة التي لا تأتي على المشكلات من جذورها، ولا تضع العلاج الناجع لها .
وحرصًا مني على سلامة الأسرة من المشكلات والخلافات التي تعصف بها رأيت أن أجمع هذه المادة، والتي هي عبارة عن عدد من المشكلات والخلافات الأسرية والزوجية التي كانت تُعرَض على فضيلة شيخنا العلامة الإمام القدوة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله ورعاه، في مكتبه في دار الإفتاء قبل التقاعد، فكان فضيلته يجيب عليها بما يراه حلا وعلاجًا ناجعًا للمشكلة من منظور شرعي.
وهي إسهام متواضع ومهم يضاف إلى ما كتب في هذا الموضوع؛ للوصول إلى أسرة بلا مشاكل تعيش عيش السعداء في الدنيا والآخرة إن شاء الله.
وقبل البدء في عرض المشكلات وحلولها، فإنني أضع بعض النقاط المهمة التي لو التزم بها الناس لسلموا من كثير من المشكلات والخلافات التي تحدث بينهم وفي أسرهم. من هذه النقاط:
1- تقوى الله تعالى وخوفه، بأن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه، فيتقي الله في أهله، وليعلم أن المرأة أمانة عنده فيحسن معاشرتها ومعاملتها وتربيتها.
2- البعد عن الذنوب والمعاصي؛ فإن للمعاصي آثارًا وخيمة كثيرة يعرفها الرجل العاقل الرشيد، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- وإياك والمعصية فإن بالمعصية حل سخط الله .
فالمعاصي والذنوب تحجب العلم، وتحجب الرزق والتوفيق، وتورث الذلة، وغير ذلك من الآثار الوخيمة.
3- حسن اختيار الزوجة؛ فإن المرأة الصالحة هي خير متاع الدنيا، وهي التي تحفظ زوجها وتهتم بتربية الأولاد تربية إسلامية، والمرأة الصالحة هي من السعادة في الدنيا.
4- حسن اختيار الزوج؛ فإذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
فليختر الأب لابنته الزوج الصالح، الذي يتحلى بالصدق والأمانة والمحافظة على العبادات ويخاف الله.
5- النظر إلى المخطوبة؛ فإن النظر إلى المخطوبة من عوامل دوام السكن والاستقرار والأنس والاطمئنان بين الزوجين؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم- انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما .
6- الدقة والحذر في وضع الشروط عند كتابة العقد؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم- أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج فإن الكثير من المشكلات تحدث بسبب إخلال الزوج لبعض الشروط التي فرضها على نفسه عند كتابة العقد ولم يستطع الوفاء بها، فلا بد من التروي والهدوء، وعدم التسرع عند وضع الشروط، وقبل ذلك الاستخارة واستشارة أهل الرأي والعقل.
7- إزالة آلات اللهو والمعاصي من البيت.
8- عدم إدخال الزوجة من لا يرضى إدخاله الزوج إلى بيته، وخاصة من لا يرضى دينه وخلقه.
9- احترام الزوج لأهل زوجته، واحترام الزوجة لأهل زوجها؛ فكثيرًا ما تحدث المشاكل بسبب عدم احترام كل واحد منهما أهل الآخر.

10- القوامة؛ فقد جعل الله تعالى القوامة في يد الرجل، فلما جعلها كثير من الرجال في يد المرأة؛ فتأمر وتنهى وتتحكم في كل شيء دبت المشاكل والخلافات بين الزوجين بسبب ذلك.
11- نشر الأسرار الزوجية؛ سواء عند الأصحاب أو عند الأهل والأقارب، وهذا من أشنع المحرمات، وهو من أشر الناس كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- .
12- التقتير أو الإسراف في النفقة؛ فإن الكثير من الأزواج يبخل على زوجته في النفقة، فلا يشتري لها ما تحتاجه من الملابس أو يوفر لها ما تحتاجه من الأكل والشرب ونحو ذلك، وعلى العكس فإن البعض ينفق إلى حد الإسراف وبدون ضوابط، والمبذرون إخوان الشياطين.
13- الغلظة والرعونة وعدم التلطف مع الأهل؛ قال تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [ آل عمران: 159 ]. وقال -صلى الله عليه وسلم- إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .
14- تلمس الزلات وتتبع العثرات؛ فعلى الزوج أن يحتمل ويتغاضى عن تقصير زوجته في بعض حقوقه، وتباطئها في تنفيذ بعض أوامره وأن لا يكثر من المحاسبة، فاستوصوا بالنساء خيرًا.
15- حسن تدبير شئون البيت؛ من حسن المظهر والنظافة والترتيب، وهذه لا شك أنها مهمة المرأة، ولا يمنع أن يساعدها الزوج أحيانًا في أوقات فراغه، ومن حسن التدبير الاهتمام بتربية الأولاد، وإعداد الطعام في الوقت المناسب وغير ذلك.

هذه بعض النقاط المهمة وغيرها كثير أعرضت عنها للاختصار وقد كتب فيها الكثير من الباحثين والعلماء، فعلى الزوجين الحرص على ما فيه سعادتهما في الدنيا والآخرة، وتكوين الأسرة المسلمة التي هي جزء من المجتمع الإسلامي الكبير حتى ينال الجميع رضا الله عز وجل.
أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم لا رياء فيه ولا سمعة، وأن يكتبه في موازين أعمالنا، ونسأله تعالى أن يجزي علماءنا خير الجزاء على ما قدموه ويقدمونه من بيان للحق والدعوة إلى الله ونشر العلم.
كما نسأله تعالى أن يصلح الأسر، ويوفق الأزواج إلى ما يحبه ويرضاه، إنه سميع مجيب الدعاء.
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا سورة الفرقان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه أبو أنس علي بن حسين أبو لوز
ظهر يوم الاثنين
6\ 6\ 1421 هـ، الموافق 4\ 9\ 2000 م
الرياض - حي الخالدية
ص ب: 31271
الرمز البريدي: 11497
جوال: 54407253.