إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح نظم البرهانية
68934 مشاهدة
القاعدة في حجب الحرمان

وأما حجب الأشخاص الذي هو حجب حرمان؛ فإنه أن يحجب البعيد بالقريب، وقد ذكرنا أمثلة ذلك في التعصيب، فإن التعصيب يتصل بالحجب.
ذكرنا قاعدة: أن من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، واستثنوا أم الأب والإخوة من الأم. أما البقية فإن واسطة كل واحد تحجبه، فالأب يحجب الجد؛ لأنه واسطته ولا، يرث الجد مع الأب، وابن الابن يحجب الابن ولا يرث معه؛ لأنه واسطته، أو لأنه أقرب منه، وابن ابن ابن يسقط بابن ابن، وأبو الجد يسقط بالجد؛ لأنه أقرب منه.
وكذلك الإخوة يسقطون بالأب؛ لأنه واسطتهم؛ الذي قربهم إلى الميت، أليس هو أبوه وأبوهم؟ يقولون: أبونا وأبو الميت واحد؛ فنحن قريبون منه. قلنا: أبوكم موجود، فكيف ترثون مع من قربكم؟ فيسقط الإخوة كلهم بالأب، وأما سقوطهم بالابن، لماذا سقطوا بالابن مع أنهم ليس هو واسطتهم؟ الجواب: أنهم لا يرثون إلا في الكلالة، ووجود الابن يخرج المسألة من كونهم يرثون إلى أن تصير كلالة فلا يرثون؛ ولأن الابن أقوى وأقدم في الجهة؛ كما تقدم في بيت الجعبري:
فبـالجهـة التقـديـم ثم بقـربـه
................................