إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شرح نظم البرهانية
68912 مشاهدة
المانع الثالث: اختلاف الدين

فصارت تركة أبي طالب كلها لعقيل عقيل أسلم بعد ذلك، صار هو الذي يملك تركة أبيه. أَقَرَّهُ بقوله: لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ دل ذلك على أن اختلاف الدين لا يحصل معه التوارث؛ وذلك لأن هذا حصل بسبب هذه الْفُرْقَةِ التي فَرَّقَتْ بينهما وهي الكفر، قطع الصلة بين المؤمن والكافر. قال الله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يعني: أن بعضهم من بعض، وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ فلا يتوارثان، لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ.
استثنى بعضهم الإرث بالولاء، إذا كان له عبد أعتقه، والعبد كافر، ومات العبد وله مال.. يَرِثُهُ سَيِّدُهُ؛ وذلك لأن الأصل في الرقيق الكفر؛ فلذلك قالوا: إذا كان العبد كافرًا، وقد أعتقه سيده، ومات وله مال، وَرِثَهُ السيد -ولو لم يكن على دينه-؛ بناء على أن أصل الرِّقِّ الكفر. وهكذا العكس، على القول بأنه يتوارثان، لو كان السيد كافرًا، وأعتق عبده المسلم، ومات العبد المسلم، فميراثه لسيده الذي أعتقه؛ ولو ان كافرًا. هذا مما اسْتُثْنِيَ.
ومما اسْتُثْنِيَ.. إذا أسلم الكافر قبل قسمة التركة قُسِمَ له ترغيبًا في الإسلام. قبل قسمة التركة كان له ولد نصراني، أو يهودي، ثم لما مات أبوه أسلم؛ فإنه -والحال هذه- يُقْسَمُ له؛ ترغيبًا له في الإسلام. هذا قول بعض العلماء.
وإذا قيل: إنه قد يتخذ الإسلام حيلة، فيأخذ المال ثم يرتد؟! فالجواب: أنه إذا ارتد فإنه يُقْتَلُ. يقال له: أنت الآن دخلت في الإسلام، فإن رجعت إلى الكفر -إلى اليهودية والنصرانية- فإنك تُقْتَلُ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فاقتلوه فإذا قال: أنا أرجع إلى ديني؟ الجواب: أنك قد تركت دينك، ودخلت في الإسلام، فلا نقبل منك إلا الإسلام أو السيف، فإما أن تثبت على إسلامك وإلا قتلناك. فمن أسلم من الكفار قبل قسمة التركة -تركة أبيه مثلًا، أو أخيه الذي هو وارث له- قُسِمَ له ترغيبًا في الإسلام. فهذا هو المانع. استثنوا من ذلك -أيضًا- الولاء -كما ذكرنا-.
ثم اختلفوا: هل الكفر مِلَّةٌ واحدةٌ، أو مِلَلٌ شَتَّى؟ الكثير على أنه ملة واحدة، والإمام أحمد عنده: أنه ملل شتى.
أسئـلة
س: السلام عليكم. يقول السائل: إذا لم يكن ...... فهل يحق .....
هذا في ولاية النكاح.. المشهور أنه لا يتولى عقد النكاح إلا الْعَصَبَةُ، ولا يتولاها ذوو الأرحام؛ ولو كانوا وارثين. فالأخ من الأم لا يَعْقِدُ لأخته من أمه، وكذلك الخال؛ ولو كان من الأقارب. إن وُجِدَ لها عصبة؛ ولو بعيد، يعني: كابن ابن عم -وإن نزل؛ ولو في الجد العاشر- تولى عقد النكاح لها؛ وإلا يتولاه القاضي السلطان ولي من لا ولي له .
جاء في عمل السلف ما يدل على أَنَّ الذي يتولى عقد النكاح هو العاصِبُ -من كان؛ ولو كان بعيدًا- أَوْلَاهم بالتعصيب؛ لكن إذا لم يوجد هناك من هو صالح من العصبة، فإنه يتولى مَنْ بَعْدَهُ، فإذا لم يوجد أحد يتولى ذلك وعُدِمَ فقد يكون الخال، وابن الخال، والأخ من الأم، وابنه أَوْلَى من البعيد، يعني: أَوْلَى من القاضي أو الحاكم ونحوه؛ سيما في بعض البلاد.
س: يقول السائل:.......
تركته لبيت المال إذا لم يكن هناك ورثة. إذا كان الورثة ممنوعين بمانع من الموانع، كأن يكونوا كفارًا ليسوا على دينه، أو مماليك مملوكين، أو اشتركوا في قتله؛ فلا يرثون، ويُصْرَفُ ماله لبيت المال.
س: يقول السائل: هل....أن يشتري العبد... ويقول أيضا: ..... سيده بعد موته....
الآن لا يوجد الرِّقُّ؛ إلا في بعض الدول الأفريقية -يعني- كدولة موريتانيا لا يزال فيها بعض الرِّقِّ؛ ولكن الدول الكبرى – كأمريكا - قد استولت عليهم، ومنعت رؤساءهم أن يبيعوا، والرئيس -رئيس الدولة موريتانيا ومالي - منعهم -أيضًا- أن يبيعوا.. فقالوا: إن هؤلاء المماليك هم عبيد آبائنا وأجدادنا وأجدادهم كابرًا عن كابر فكيف نُمنع؟! إما أن تعوضونا كما أن السعودية عوضت أهل المماليك، وإما أن تأذنوا لنا!
فامتنعوا أن يأذنوا لهم في البيع، وفي الاستخدام؛ فلا يباعون إلا خُفْيَةً؛ ولذلك -أيضًا- لا يستطيع من اشترى مملوكًا من تلك البلاد أن يأتي به إلى هذه البلاد؛ ذلك لِأَنَّ الحكم عامٌّ في أنه لا يجوز إقرار الرِّقِّ؛ لِلشَّكِّ في رِقِّهِمْ في الأصل.
فعلى هذا.. إذا كان على الإنسان عِتْقُ رَقَبَةٍ، واشترى من أولئك المماليك عبدًا وأعتقه أجزأه ذلك -أجزأه أن يُعْتِقَهُ عن كفارة عليه تلزمه- وأما التَّسَرِّي: أن يشتري أَمَةً ويَسْتَرِقُّهَا وتكون سُرِّيَّة يطؤها؛ فإن هذا لا يُتَمَكَّنُ منه في هذه البلاد؛ بل وفي غالب البلاد. س:..........
إذا عَتَقَ الرَّقِيق، ومات سيده وليس له ورثة فهو أَوْلَى؛ لأن بينهما قرابة، إذا أعتقه سيده، وأصبح مولًى له، ومات السيد، ولم يكن له أولاد، ولا أسرة، ولا قبيلة؛ فإن عبده الذي هو مولاه أَوْلَى بِأَخْذِ ماله.
س: يقول: هل الأصهار يعتبرون من ذوي الأرحام
الأصهار الذين هم أقارب الزوجة لهم حَقُّ القرابة -يعني- إخوة امرأته، وأولادهم، الذين هم أولاد أخوال أولاده، وكذلك أبو زوجته وأعمامها وأخوالها وأقاربها لهم حَقُّ قرابة، هذا الحق يستدعي أنه يَصِلُهُمْ، وأنهم -أيضًا- يصلونه لما بينهم، فيزورهم ويستزيرهم، ويستضيفهم، ويكرمهم، ويكرمونه -كما هو العادة-.
المقاطعة فيها شيء من قطيعة الرحم؛ ذلك لأن بينهم هذه الرحم، فإذا قاطعهم بأنه هجرهم ومقتهم وأبغضهم وعاداهم اعْتُبِرَ داخلا في قطيعة الرحم؛ ولكن لو تركهم -يعني- لبعد أو لانشغال، وطالت المدة لا يُعَدُّ هاجرًا.
س: يقول السائل: سماحة الشيخ.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، عندي جار ساكن في عمارتي، وقد ركب الدش ونصحته أكثر من مرة في ذلك، وقال لي: إني لا أرى إلا نشرات الأخبار... يقول: إذا تركته هل علي إثم؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا.
عليك إثم؛ وذلك لأنه -والحال هذه- يتعرض للفتن هو وأولاده، ويعملون بالمعاصي، فيقع منهم بسبب هذه الصور وهذه الأفلام التي تُعْرَضُ فيه بواسطة هذه الدشوش، يقع بسببها منكرات، وصور عارية؛ بحيث أن الإنسان الذي يشاهدها يألف الصور العارية صور النساء، وكذلك الرجال العراة أمام النساء، وما أشبه ذلك.. فمفاسده عظيمة.
فلأجل ذلك.. ننصحك أنك تُخْرِجُهُ إذا تم سنته الأولى، تقول: إما أن تُخْرِجَ هذه الأجهزة؛ وإلا اخْرُجْ أنت وهي، ولا أُقِرُّكَ بعد هذا. أما في هذه السنة التي قد التزم بها، فلا تقدر على إخراجه، هذا الذي يلزمك حتى لا تكون شريكًا له في الإثم.
س: يقول السائل: .... وجزاكم الله خيرا
إذا كان عليه نسبة من الخطأ فلا يرث؛ إلا إذا كان الورثة أولادها -الذين هم أولاده- سمحوا بها. قالوا: نحن أولادك، ومالنا مالك. أما إذا لم يكن عليه نسبة بأن كان الخطأ من غيره فيرث منها كما يرث منها لو لم يكن متسببًا.
س: يقول: عملت لوحة فنية عند الخطاط بمبلغ مائة وستين ريال وعند ... دفعت مبلغ مائة وخمسين ريال ..الباقي.. ثم بعد ذلك ...؟ وجزاكم الله خيرا
لا شَكَّ أنه يستحق أُجْرَتَهُ على هذه اللوحة، وأَنَّ أُجْرَتَهُ دَيْنٌ في ذمتك، فإذا أعطيته هذا المبلغ فالباقي دَيْنٌ في ذمتك يلزمك أن تدفعه إليه؛ إلا إذا سمح لك. وهكذا -مثلا- لو أعطيته أكثر من حقه فإن الزيادة تبقى عنده كَدَيْنٍ في ذمته لك تطالبه به. وبكل حال.. فَأُجْرَتُهُ تُعْتَبَرُ حقًّا له، عليك أن تعطيه؛ إلا إذا أَخَّرَ أو تسامح. ورد في الحديث: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه أي: قبل أن تؤخروا أجرته. عليك أن تبحث عنه وترد عليه ما بقي، أو يتسامح معك.
س: يقول السائل: إذا دخلت المسجد والصف قد اكتمل ولا يوجد مكان فهل أصلي عن يمين الإمام أم أصلي خلف الصف وحدي ؟
تصلي عن يمين الإمام إذا كان عن يمينه متسع تخرق الصف، وتقوم عن يمين الإمام؛ لكن إذا كانت الصفوف كثيرة، ولم تجد بينهم فرجة، وجدتهم متراصين ليس بين اثنين منهم لا يمكنك أن تُقَرِّبَ بعضهم إلى بعض، ففي هذه الحال.. إذا لم تستطع أن أحدًا منهم يتأخر معك، أو يأتي أحد غيرك فَيَصُفَّ معك، ففي هذه الحال.. لو صليت وحدك حتى لا تفوتك صلاة الجماعة جاز ذلك.
س: ويقول السائل: هل يقع الطلاق على الحائض؟
الصحيح.. أنه يقع؛ ولذلك اعتبره النبي -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امرأَتَهُ، قال: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا المراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق. وجاء في الروايات: وحُسِبَتْ تَطْلِيقَةً أي: هذه المرة حسبت تطليقة عليه.
وكذلك أيضًا ابن عمر جاءه من يسأله: إنسان طلق امرأته ثلاثًا وهي حائض فأمضى الثلاث، وقال: إنك ما تركت لنفسك!! لو طلقتها واحدة لرددناها عليك، وأمرناك بمراجعتها. والروايات في ذلك كثيرة تدل على أنه يقع؛ مع كونه آثمًا.
س: يقول السائل: هل... يكون بين الأقارب...
معلوم أنه لا يحصل التوارث إلا بين الأقارب؛ فلذلك قالوا: من قتل مُوَرِّثَهُ فلا يرث منه. أما القتل بين الأباعد فليس منعًا؛ لأنه ليس هناك توارث. إذا قتلت أجنبيًّا، فهذا القتل لا يمنعك من حق عليك؛ إلا الموصى له.
لو أن إنسانًا قال: إذا مِتُّ فأعطوا زيدًا من تركتي ألفًا، ثم إن زيدًا تَعَجَّلَ فقتله، يريد هذه الوصية، يُحْرَم من هذه الوصية؛ لأنه تعجلها. وأما إذا لم يكن هناك توارث بينهما، ولم يكن هناك وصية، وقَتَلَ إنسانٌ إنسانًا، فلا يؤثر في ذلك؛ إلا أنه يدفع الدية -إن كان القتل خطأ- أو كذلك يُقْتَصُّ منه إذا لم يَعْفُ الورثة، وكان القتل عمدًا.
س: السؤال الأخير.. يقول السائل: ما حكم وليمة الختان ؟
العادة.. أنهم إذا ختنوا الطفل عملوا وليمة يسمونها: الإعذار، يجمعون أقاربهم. كانوا في ذلك الزمان لا يختنون الطفل إلا قرب الاحتلام، يختنونه في نحو السنة الثالثة عشرة، أو الثانية عشرة أو نحو ذلك، فيجعلون وليمة يجمعون عليها أقاربهم. فهذه من العادات، ولا تُعْتَبُر من السنن. والله أعلم. وصلى الله على محمد .