اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح نظم البرهانية
69238 مشاهدة
خصائص ذوي الأرحام في التوريث

من خصائص ذوي الأرحام: أنهم يستوون في الميراث ، للذكر مثل الأنثى؛ وذلك لأنهم يرثون بالرحم المجردة، فكانوا بمنزلة الإخوة من الأم، فإن الإخوة من الأم ذكرهم وأنثاهم سواء، فكذلك ذوي الأرحام.
إذا كان عندك –مثلًا- أولاد البنت، ليس عندنا إلا أولاد بنت، أو أولاد بنات، نزلناهم منزلة أمهاتهم. نفرض -مثلًا- أن أولاد البنت الكبرى ثلاثة أبناء، وثلاث بنات، وأولاد البنت الصغرى -مثلًا- ابنين وبنتين، فإن لهؤلاء ميراث أمهم، ولهؤلاء ميراث أمهم. أولاد الكبرى لهم النصف، يقسم بينهم ذكرهم وأنثاهم سواء، ثلاثة وثلاثة على ستة، أولاد الصغرى لهم ميراث أمهم؛ يعني النصف، ذكرهم وأنثاهم سواء أربعة يقسم على أربعة. هذا من خصائصهم.
وكذلك أولاد الأخت، إذا كانت الأخت لها -مثلا- أربعة أبناء، وثلاث بنات، وهي متوفاة، وأولادها موجودون، يأخذون المال كله كما لو كانت أمهم موجودة، ويقسم بينهم على عدد رءوسهم، الذكر والأنثى سواء، هذه من خصائصهم؛ أنه للذكر مثل حظ الأنثى، لا يتفاوتون؛ لأنهم يرثون بالرحم المجردة.
وهكذا الخال والخالة إذا ورثوا الأم استووا؛ يعني إذا أخذوا ميراث الأم فالخال والخالة والخالات والأخوال يقتسمون المال الذي هو ميراث الأم بالسوية؛ لأنهم أدلوا بجهة واحدة وهي الأم، فورثوها كذلك.
وإذا كان بعضهم بعيدًا قربناه إلى أن يكون قريبًا، فلو كان عندنا -مثلًا- ابن بنت ابن، وعندنا ابن ابن ابن بنت، نقربه ولو كان بعيدًا؛ حتى يكون بمنزلة البنت، فيكون له ميراث أمه، ولابن بنت الابن ميراث أمه، البعيد منهم يقرب؛ حتى يكون بمنزلة من أدلى به.
وكذلك إذا كان عندنا ابن ابن اخت شقيقة، وعندنا ابن أخت لأب، وابن أخت لأم، فهذا البعيد ابن ابن أخت نقربه حتى نجعله بمنزلة الأخت، فيرث ميراث أمه، البعيد يقرب حتى يكون بمنزلة من أدلى به.
وإذا كان بعضهم يسقط بعضًا، فإنه يسقط من يسقط، ذكرنا -مثلًا- أن بنت البنت تسقط ابن أخت لأم؛ لأن أمها البنت تسقط الأخت من الأم، وأن العمة تكون بمنزلة الأب، وبنت العم تكون بمنزلة العم، والأب يسقط العم، وكذلك -أيضًا- العمة بمنزلة الأب تسقط بنت الأخ، أو بنات الإخوة؛ لأن الآباء يسقطون الأخوات ويسقطون الإخوة، فكذلك من أدلى به. هذه صفة ميراث ذوي الأرحام.