اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
90699 مشاهدة
الحكمة من خلق الخلق

اعلـم بأن اللـه جــل وعـــلا
لم يترك الخلـق سـدى وهـمــلا
بل خلـق الخـلـق ليعـبـــدوه
وبالإلهيــة يــفـــــــردوه
أخرج فيما قد مضـى مـن ظهــر
آدم ذريتـــه كالــــــــذر
وأخذ العهــد عليهــم أنــــه
لا رب معبـود بحــق غــــيره
وبعد هذا رسـلـه قــد أرســلا
لهم وبالحـق الكتـــاب أنـــزلا
لكي بـذا العهـــد يذكــروهـم
وينـذروهـم ويبـشـــروهــم
كي لا يكون حجــة للنــاس بـل
لله أعلى حجــة عــز وجـــل
فمن يصدقهــم بــلا شـقــاق
فقد وفــى بــذلك الميثــــاق
وذاك ناج مـن عــذاب النـــار
وذلك الوارث عقبـــى الــــدار
ومن بهـم وبالكتــاب كـذبـــا
ولازم الإعراض عنــه والإبـــا
فذاك ناقــض كــلا العهــدين
مستوجب للخزي فــي الـداريــن


هذه مقدمة وذكر فيها العهد الذي أخذه الله تعالى على الخلق وهم في أصلاب آبائهم، وذكر فيها الحكمة في خلق الجن والإنس:
اعلم بأن اللــه جــل وعـــلا
لم يترك الخلق ســدى وهـمــلا
يعني أنه سبحانه ما خلقهم هملا، قال تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى يعني: لا يؤمر ولا ينهى، هذا ظن باطل، وقال تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا يعني أن خلقكم عبث لا لحكمة؛ بل خلق جميع المخلوقات قال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ؛ فالله تعالى لا يخلق شيئا من خلقه عبثا ومهملا لا يستفاد منه وليس فيه حكمة؛ بل كل شيء خلقه فلا بد فيه من حكمة، ما ترك الخلق سدى، ولا تركهم هملا، ولا خلقهم عبثا.
بل خلـق الخــلـق ليعبـــدوه
وبالإلهيـــة يـفـــــــردوه
خلقهم لعبادته قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ واللام في إِلَّا لِيَعْبُدُونِ لام التعليل؛ يعني العلة في خَلْقِه لهم أن يعبدوه، خلقهم لعبادته، فعل بهم الأول أي: خلقهم؛ ليفعلوا الثاني أي: ليفعلوا العبادة، فعل بهم الأول؛ ليفعلوا هم الثاني، خلق الخلق؛ ليعبدوه وحده.
والعبادة في الأصل هي: التذلل الذل والخضوع، ويسمون المماليك عبيدا؛ لأن المملوك مذلل لسيده، والخلق كلهم عبيد الله لأنهم ذليلون لعظمته، والعبادة هي: التذلل لله سبحانه، والخضوع له، والاستكانة بين يديه، ويعرفها شيخ الإسلام بأنها: غاية الحب مع غاية الذل، غاية الذل يعني التذلل، ولا بد أن يكون معه محبة، يتذللون لربهم ويحبونه.
ونظم ذلك ابن القيم في النونية:
وعبادة الرحمن غايــة حبـــه
مع ذل عابـده هـمـا قـطبــان
وعليهما فلَكُ العبـــادة دائـــر
ما دار حتى قـامـت القطبـــان
ومداره بالأمـر أمـر رسولـــه
لا بالهوى والنفـس والشيطـــان
فلا يكون العبد عابدا متعبدا إلا إذا كان محبا لمعبوده، ومتواضعا له؛ يعني معترفا له بالعبودية، ومع ذلك متواضع له، خلق الخلق ليعبدوه، وبالإلهية يفردوه؛ أي: يخصوه بالإلهية فلا يألهون غيره، والتأله هو: التعبد، الإله هو: الذي تألهه القلوب أي تحبه، وتعظمه بالإلهية، بجميع أنواع التأله يخصوه، هذه هي الحكمة من خلق الخلق.