شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
من صور الشرك: دعاء المقبور والمغالاة فيه
ثم تمادى بهم الأمر إلى أن دعوا ذلك الميت، وقالوا يا فلان أعطنا، يا ولي الله اشفع لنا، يا ولي الله أجب دعوتنا، ثم آل بهم الأمر إلى الاعتقاد، إلى أن اعتقدوا في هذا المخلوق أنه يملك النفع والضر، وأنه يملك العطاء والمنع؛ فغلوا بذلك ووقعوا في الشرك الأكبر ، وقد ذكر في الأبيات قبله قوله:
وإن دعا المقبـور نفســـه فقد | أشـرك باللـه العظــيم وحجـد |
لـن يقبـل اللـه تعـالى منــه | صرفـا ولا عـدلا فيعفــو عنه |
إذ كـل ذنـب موشك الغفـــران | إلا اتخـاذ النــــد للرحمــن |
كم حــذر المختـار عن ذا ولعن | فاعـــله كمـا روى أهل السنن |
فمن الغلو ما اشتهر في قصيدة قديمة لشاعر يقال له البوصيري اسم> وتسمى تلك القصيدة البردة، فقد غلا في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعطاه حق الله تعالى مثل قوله:
يا أكرم الخلق مـا لي من ألوذ به | سواك عنـد حـلول الحـادث العمم |
إن لم تكن في معادي آخـذا بيدي | فـضلا وإلا فقــل يا زلـة القدم |
وكذلك يقول في مدحه:
فـإن من جودك الدنيـا وضرتها | ومن علومك علم اللـوح والقلم |
أتذكر أني مرة واقف في عرفات اسم> وإذا أحد السودان من دولة السودان اسم> يلهج بقوله يا عبد القادر اسم> أنجنا، يا عبد القادر اسم> أعطنا، اقبل منا، اشفع لنا، تولنا، من عبد القادر اسم> ؟ فقال: سيدنا الجيلاني اسم> أليس عبد القادر اسم> عبد؟ لماذا تدعو عبد القادر اسم> ولا تعبد القادر؟ القادر من هو؟ أليس هو الله؟ ألست تعترف بأنه عبد؟ عبد القادر اسم> هل هو أكرم من القادر ؟ أي: من الله تعالى؛ فأصر على دعائه ثم صرح بعقيدته، فقال: إن عبد القادر اسم> يملك النفع والضر، إنه لا تنزل قطرة من السماء إلا بإذن عبد القادر، اسم> إنه لا تنبت حبة في الأرض إلا بإذن عبد القادر، اسم> وهكذا فالحاضرون قالوا: كفرنا بعبد القادر اسم> ماذا يضرنا؟ فعند ذلك استعظم هذه الكلمة، واستكبرها، تكبر أنكم تقولون إن عبد القادر اسم> ضعيف، أو أنكم كفرتم به .
فإذا كان هذا غلوهم في مثل هذا المخلوق الذي هو عبد؛ فكيف بغلوهم في الأنبياء ونحوهم؟ لا شك أن هذا أثر تلك الحكايات الباطلة التي تحكى عنه، يحكون عنه حكايات لا أصل لها ذكر بعضهم:
إنه أتي بكبش مطبوخ أو مشوي هو ومن حوله، فقال: كلوا من لحمه، واتركوا عظامه متواصلة، ولما أكلوا اللحم، قال للكبش: قم يا كبش بإذن الله؛ فقام الكبش حيا، وهم ينظرون بعدما أكلوا لحمه، عاش ونبت عليه لحمه، ونبت عليه جلده، ونبت عليه صوفه، هذه من الخرافات التي يدعون بها أن عبد القادر اسم> يحيي الموتى .
وذكروا: أن امرأة جاءت إليه وقالت: إن ولدي مات قبضت روحه الآن، وإنه وحيدي وليس لي غيره، ادع الله أن يحييه لي، فقال: أنا أفعلها، ثم طار عبد القادر اسم> في الهواء، وأدرك ملك الموت، وقد قبض بعض الأرواح، عددا كثيرا من الأرواح، وجعلها في زنبيل، صاعدا بها؛ فجاء إليه عبد القادر اسم> وقال: رد روح فلان، فقال: أنا مأمور، فأخذ ذلك الزنبيل، وحركه؛ حتى انبثت ما فيه من الأرواح التي قبضها في ذلك اليوم؛ فعادت كل روح قبضت ذلك اليوم إلى صاحبها؛ فعاش ذلك الولد، وعاش كل من كان قبض ذلك اليوم.
هذا أيضا من الخرافات لما سمعوا هذه الخرافات ظنوا أن عبد القادر اسم> إله، وأنه خالق، وأنه يملك؛ فصاروا يدعونه، يدعى في الشرق وفي الغرب؛ هذا من آثار هذه العقائد الباطلة .
يقول:
بل قد نهــى عن ارتفاع القبر | وأن يـزاد فيـــه فـوق الشبر |
مسألة>