الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
101549 مشاهدة print word pdf
line-top
عظام الميتة وجلودها

...............................................................................


تكلموا بعد ذلك على الميتة عظام الميتة هل هي طاهرة أو نجسة؟ وكذا قرنها وظفرها وحافرها وعصبها وجلدها يقولون: إنها كلها نجسة ولا تطهر بالدباغ؛ لأنها من أجزاء الميتة في ذلك خلاف بالنسبة إلى الجلد.
وردت فيه أحاديث كحديث ابن عباس أيما إهاب دبغ فقد طهر وفي رواية دباغ جلود الميتة طهورها أو ذكاته طهوره أو إن الدباغ قد أذهب رجسه ونجاسته أو يطهره الماء والقرظ . يعني: الدباغ. روايات .. في الصحيح في حديث ابن عباس وميمونة وغيرهما تدل على أن جلد الميتة إذا دبغ فإنه يطهر وفعلت ذلك ميمونة لما ماتت شاة لها قال: هلا انتفعتم بإهابها قالوا: إنها ميتة قال: إنما حرم أكلها فأخذوا جلدها ودبغوه واستعملوه حتى صار شنا فدل ذلك على أنه يطهر بالدباغ.
الفقهاء أمر مسائلهم على الاحتياط وذلك لأنه جاء حديث عن عبد الله بن عكيم بلفظ: جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بشهر: ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب هكذا جاء هذا الحديث وصححوا إسناده وقالوا: إنه ناسخ لحديث ابن عباس لأنه متأخر ولكن جاء فيه اضطراب؛ اضطراب في سماعه فمرة يقول: قرئ علينا ومرة يقول: عن أشياخ من جهينة ومرة يقول: بشهر ومرة بشهرين، فلما جاء فيه هذا الاضطراب تراجع الإمام أحمد عن العمل به ثم نظرنا، وإذا الأحاديث الأخرى في الصحيحين فنرجح العمل بها فنقول: الحديث الذي في الصحيحين من طرق يقدم على هذا الحديث، بل إن بعض الفقهاء أجابوا قالوا: ليس في الحديث إلا الإهاب، والإهاب هو اسم لما لم يدبغ، وإذا دبغ ما يسمى إهابا يسمى جلدا.
فعلى هذا إذا دبغ الإهاب فقد طهر أي يسمى جلدا. فعلى هذا يترجح أنه يطهر يطهره الماء والقرظ الفقهاء قالوا. إذا دبغ يستعمل في اليابسات. يجوز أن يجعل إناءا للبر وللدقيق وللأشياء اليابسة ولا يجعل للرطبة. الرطب مثل الماء والدهن والدبس والتمر اللين، وأما التمر اليابس والزبيب اليابس فإنه يستعمل فيه وإذا قلنا: إنه يطهر، فنقول: لا فرق بين اليابسات والمائعات يجوز استعماله فيها كلها على الصحيح. هذا يتعلق بالجلد. العصب يمكن أن نعمل فيه بحديث ابن عكيم ولا عصب وذلك لأن العصب تحله الحياة، ولأنه ينجس بالتغير فلأجل ذلك يلحق باللحم.
وأما العظم فيه أيضا خلاف يذهب بعض المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه لا ينجس ليس بنجس، وذلك لأنه إذا يبس أصبح كأنه ما حلته الحياة. معلوم أنه في حالة الحياة إذا ضرب فإنها تتألم لو ضربت ذراعه أو كراعه فإنه يحس بتألم، ولكن لما لم تدخله الحياة أصبح لا يتأثر بالموت. فالصحيح أو الأقرب أنه يطهر أنه طاهر العظام عند الحاجة، وكذلك القرن والظفر والحافر هذه أيضا تنفصل في الحياة قرن الشاة من المعز مثلا ينكسر في الحياة يجعل نصاب سكين يحملها الإنسان معه في صلاته لا مانع من ذلك، ولو كان عظم ميتة يعني قرن ولو كان انكسر في حياته؛ لأن ما أُبن من حي فهو كميتته يعني: لو قطعت ألية الكبش وهو حي أصبحت نجسة كالميتة، أو مثلا قطعت رجل ظبي وهو حي قطعها السلاح الرامي لا تؤكل؛ لأنها نجسة ميتة فليس كذلك ما يؤخذ منه في الحياة قرنها يكسر في الحياة ينتفع به حافرها وظفرها. الحافر للخيل والظلف للبقر والظفر للإبل، ويسمى الخف وكلها لا تحلها الحياة فيترجح أنها طاهرة يمكن أن يقال: إن ظفر الإبل الذي هو خفها أنه تحله الحياة وذلك لأنه يباشر اللحم.
يقول: الشعر والصوف والريش طاهر وذلك لأنه ينفصل في الحياة يجوز أن يجز شعر المعز وصوف الضأن ووبر الإبل وريش الدجاج ولا يكون نجسا يقول: إذا كان من ميتة طاهرة في الحياة يعني الشعر والصوف والريش طاهرة في الحياة فإنه يجوز الانتفاع به ولو غير مأكولة كالهر. الهر ليس بنجس قال النبي صلى الله عليه وسلم في الهرة: إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات فريشها أو شعرها طاهر، وكذلك الفأر الفأر أيضا إذا كان حيا فإنه طاهر؛ لأنه من الطوافين وأما إذا مات فإنه ينجس كالهر وكالمأكول كالعصفور ونحوه.

line-bottom