جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
101455 مشاهدة print word pdf
line-top
موجبات الغسل

...............................................................................


ذكر بعده الغسل الذي هو الغسل من الجنابة وما أشبهها. ذكر الله تعالى الغسل من الحيض في قوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ وفي قوله تعالى: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا فجعل من موجبات أو مما يمنع الصلاة الجنابة، وأنه لا بد إذا أراد الصلاة أن يتطهر وأن التطهر بالاغتسال: حتى تغتسلوا.
ثم استقصى المؤلف الأسباب التي يشرع لها الغسل ذكر أنها سبعة أكثر ما وجد.
السبب الأول: انتقال المني بشهوة يعني: بعض الناس إذا رأى ما يثير شهوته أحس بانتقال المني من صلبه، ولكنه قد يمسكه فلا يخرج من الذكر، لكن يحس بأنه انتقل من الصلب متوجها إلى الخروج. فإذا أحس بانتقاله فحبسه ولم يخرج وجب الغسل؛ لأن حركته هذه هي الشهوة .
وإذا قيل: لماذا أمر الذي يخرج منه المني أن يغتسل ولم يؤمر الذي يخرج منه البول مع أن البول نجس والمني قيل: إنه طاهر؟ فكيف يغتسل من الطاهر ولا يغتسل من النجس؟
أجاب ابن القيم في إعلام الموقعين بأن المني يخرج من البدن كله؛ ولذلك سماه الله سلالة في قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فهذه النطفة تنسل من الجسد كله، وإن كانت تمر بالعروق أو بالصلب في قوله: يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ فلما كان المني يخرج من الجسد كله احتيج إلى أن يغتسل له فلا بد أنه يغتسل له.
إذا قُدر أنه أحس بانتقاله ولكن حبسه في الذكر ولم يخرج. خرج بعد ذلك من الذكر ولكن بلا لذة. خرج يسيل كما يسيل البول. في هذه الحال ما يعيد الاغتسال؛ لأنه مني واحد فيغتسل له مرتين ولأن خروجه الأخير يسمى وديا. يخرج كما يخرج البول فيكون ناقضا للوضوء ولكنه لا يوجب الغسل، وإنما يوجب الوضوء فلا يوجب مني واحد غسلين. هذا الناقض الأول أو الموجب الأول: انتقال المني.
الموجب الثاني: خروجه من مخرجه ولو كان أحمر كالدم، لكن اشترطوا أن يخرج دفقا بلذة ما لم يكن نائما يعني: لا بد من شرطين: أن يخرج دفقا وأن يخرج بلذة يعني: يصحبه عند خروجه لذة. فإذا خرج يسيل سيلانا فهو ودي بخلاف الذي يخرج يندفع اندفاعا عادة أن المني يخرج من الإنسان يندفع اندفاعا ويسمى فضخا. في الحديث: إذا فضخت الماء فاغتسل يعني: إذا خرج يندفع هكذا، ولو مثلا أنه خرج وفيه حمرة كالدم.
أما إذا خرج من النائم فإنه يغتسل مطلقا. إذا رأى المني سواء خرج بلذة أم لا، وسواء أحس باحتلام أم لا. جاء في الحديث: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلة في ثوبه فقال: يغتسل ولو لم يذكر احتلاما وسئل عن الرجل يحتلم في النوم ولا يجد البلة قال: لا يغتسل .
فإذا خرج المني في النوم سواء تذكرت أنك احتلمت يعني: أنك تجامع في النوم أو لم تذكر ذلك عليك الاغتسال، وإذا رأيت الاحتلام احتلمت في النوم. رأيت أنك تجامع ومع ذلك ما خرج منك شيء فلا غسل، وعلى هذا يحمل حديث: الماء من الماء أنه خاص بالنائم. فالنائم يغتسل بكل حال إذا رأى المني. إذا رآه في ثوبه أو رآه على فخذه وعلم أنه خرج منه في النوم فعليه الاغتسال رجلا كان أو امرأة سئل النبي صلى الله عليه وسلم هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء يعني: كالرجل.
الثالث من الموجبات: تغييب الحشفة كلها أو قدرها. إذا كان مقطوع الحشفة بلا حائل في فرج؛ ولو كان ذلك الفرج دبرا ولو كان من ميت أو بهيمة أو طير. لو قدر مثلا أنه أولج حشفته في فرج؛ قبل أو دبر ولو من ميت من امرأة ميتة أو من بهيمة كشاة أو نحوها أو من طير يعني إذا قدر مثلا، لكن لا يجب الغسل إلا إذا كان ذلك الرجل قد بلغ عشر سنين يعني: قد تم له عشر أو البنت تم لها تسع. إذا أولج فيها إنسان في فرج دبر أو قبل وجب عليها الغسل.
ولا يشترط الإنزال. جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جلس بين شعبها الأربع، ثم جهدها فقد وجب الغسل جاء في رواية: وإن لم ينزل هذا هو الذي عليه جمهور العلماء أنه يغتسل ولو لم ينزل.
كان في أول الإسلام رخص للرجل إذا أراد أن يجامع ثم أكسل يعني: بردت شهوته أنه لا غسل عليه، ولو أنه أولج رأس الذكر أو حاول الإيلاج ثم أكسل فلا يغتسل، ثم نسخ ذلك. كان قد رخص لهم وقال: إذا أقحط أحدكم أو أعجل فلا غسل عليه في رواية: يغسل ما أصابها منه ولا غسل عليه وجاء حديث بلفظ: إنما الماء من الماء يعني: الماء الذي ماء الاغتسال من الماء الذي هو ماء الإنزال الذي هو المني.
بعد ذلك لما، كان ذلك لقلة الثياب ولقلة ذات اليد رخص لهم ألا يتوضأوا من الإكسال، ثم بعد ذلك نسخ وأمروا بأن يتوضأوا، أن يتوضأوا من مجرد محاولة الإيلاج.
جاء الحديث: إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان فقد وجب الغسل يعني: إذا غيب رأس الذكر إلى محل الختان فقد وجب الغسل، ولو أكسل ولم ينزل. هذا الذي استقر عليه العمل .
فيكون حديث: الماء من الماء قد نسخ وذلك أنه كان رخصة في أول الإسلام، فجاء الشرع بأن من أولج وغيب الحشفة إلى محل الختان أو قدرها. إذا كان مقطوع الرأس. إذا كان مقطوع رأس الذكر وأولجه في فرج أصلي يُخرج الفرج الذي ليس بأصلي كفرج الخنثى المشكل، ولم يكن هناك حائل، أما إذا كان من وراء الثياب فإنه لا غسل، وذلك الفرج يعم الدبر دبر آدمي أو ميتة أو ميت أو بهيمة أو طير لو قدر ذلك. فإن ذلك من موجبات الغسل؛ وذلك لأن هذا يوجب عليه الحد. إذا مثلا كان من زنا وأولج رأس الذكر وجب عليه الحد جلدا أو رجما، وإذا كان يوجب الحد فكيف لا يوجب الغسل؟
ثم ذكر الرابع. الموجب الرابع: إسلام الكافر. كانوا إذا أسلموا أمروا بالاغتسال. ذكر حديث قيس بن عاصم أمره أن يغتسل، وكذلك أيضا قصة ثمامة لما اراد أن يسلم ذهب واغتسل. كذلك قالوا؛ لأن الكفر حدث والمشرك نجس: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ وإذا كان الشرك نجسا فإن عليه أن يغتسل .
وكذلك الغالب أن المشركين لا يتطهرون من النجاسات ولا يغتسلون من الأحداث الكبيرة، ولو اغتسلوا فإن غسلهم لا يرفع الحدث. فإذا دخل في الإسلام أمر بأن يغتسل، ولو كان مرتدا. إذا ارتد عن الإسلام ثم رجع فإنه والحال هذه يؤمر بأن يغتسل؛ لأنه يعتبر داخلا الإسلام من جديد.
الموجب الخامس: خروج دم الحيض إذا طهرت الحائض وجب عليها أن تغتسل لقوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ .
السادس: خروج دم النفاس. إذا ولدت المرأة وخرج منها دم النفاس وانقطع ذلك الدم وجب عليها أن تغتسل بعد انقطاعه.
السابع: الموت. الموت لا بد من تغسيل الميت ولو كان طاهرا. أجمع العلماء على ذلك، وغسله يعتبر تعبدا ولو كان طاهرا. لو مثلا أنه دخل الحمام واغتسل فيه وتدلك وتنظف، وبعدما انتهى بدقيقة أو دقائق مات يغسَّل. غسله يعتبر تعبدا. هذه سبعة في موجبات الغسل.

line-bottom