إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
81598 مشاهدة
ما يحرم على المحدث

...............................................................................


يقول بعد ذلك: ماذا يحرم على المحدث؟ الصلاة يشترط للصلاة الطهارة من الحدثين. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ يعني: إذا انتقض وضوءه فلا يقبل الله له صلاة حتى يرفع حدثه حدثا أكبر أو أصغر، وذلك لأهمية الصلاة ولأنها عبادة بدنية، ولأنه يشترط لها المساجد في حق الرجال القادرين فلا بد أن يأتي الإنسان إليها على طهارة كاملة قد رفع الحدث وقد طهر بدنه وثوبه.
ثانيا: الطواف ورد فيه حديث: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام فلا تتكلموا إلا بخير وإن كان الحديث فيه مقال. لم يصححه أكثرهم، ولكن جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يطوف توضأ، توضأ لما عزم على أن يطوف فدل على أن الطواف يشترط له الطهارة، وأيضا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لا تطوفي بالبيت حتى تطهري فدل على أنه يشترط الطهارة، وأيضا قال الله تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وفي سورة البقرة: أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ يعني: إذا أمر بتطهير البيت فكذلك بتطهر من يطوف به.
الثالث: مس المصحف قال الله تعالى: فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ فإذا كانت مطهرة فلا يمسها إلا طاهر وقال تعالى: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أي: هذا التنزيل من رب العالمين لا يمسه إلا المتطهرون من الحدثين؛ الحدث الأكبر والحدث الأصغر .
فهذا القرآن ذكر الله تعالى أنه قرآن كريم، وأن أصله في اللوح المحفوظ في كتاب مكنون، وأنه لا يمسه إلا المطهرون سواء اللوح المحفوظ أو ما نسخ منه. وجاء في الحديث الذي هو كتاب كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران لا يمس القرآن إلا طاهر وعمل بذلك الصحابة رضي الله عنهم .
كذلك أيضا من عليه غسل يعني لجنابة أو احتلام. ورد نهيه عن قراءة القرآن ولو من الحفظ، وجاء في حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة فدل على أنه لا يقرأ، وفي حديث آخر أنه عليه السلام كان يقرئهم القرآن ما لم يكن جنبا فإذا كان جنبا فلا ولا حرفا؛ وذلك لحرمة القرآن؛ ولأنه عليه هذا الحدث الأكبر. أما حدث أصغر فإنه يقرأ القرآن من حفظه الذي عليه حدث أصغر .
وكذا من عليه حدث أكبر عليه ألا يدخل المسجد إلا عابر سبيل. يعني: مارا من باب إلى باب فإن أراد الجلوس فإنه يتوضأ؛ لأن الوضوء يخفف الجنابة. كان الصحابة إذا أرادوا أن يأتوا للحلقات التي في المسجد يتوضأ أحدهم إذا كان جنبا، ويحضر الحلقة. جاء فيه هذا الحديث: لا أحل المسجد لحائض ولا جنب وجاء عن الصحابة أنهم كانوا يتوضأ أحدهم ويجلس في الحلقة؛ لأن الوضوء يخفف الجنابة هذا آخر ما يتعلق بالنواقض .