(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
79518 مشاهدة
ما يوجبه الحيض

...............................................................................


ثم ذكروا أن الحيض يوجب أشياء: يوجب الغسل: إذا طهرت فلا يكفيها الوضوء، لا بد من الاغتسال. وبه فسر قوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ الاغتسال: غسل البدن كاملا كغسل الجنابة. بعض النساء إذا اغتسلت ما تغسل رأسها، وهذا خطأ حتى من الجنابة. يفعل ذلك بعض الجاهلات في البوادي ونحوها.
ثانيا: البلوغ: إذا حاضت فقد بلغت، وحكم عليها بما على البالغ. بعض الناس تبلغ بنتهم مثلا بالحيض تحيض وعمرها عشر سنين أو إحدى عشر ولا تصوم. يقولون: صغيرة، صغيرة. ليست صغيرة؛ لو تزوجت لحملت. فلا يجوز التساهل في ذلك. إذا حاضت ولو كان عمرها عشر أو إحدى عشر فقد بلغت. وإذا بلغت أصبحت حكمها حكم البالغ؛ لا بد أنها تصلي وتصوم، وتتستر في صلاتها؛ لقوله في الحديث: لا يقبل الله صلاة حائض -يعني امرأة قد حاضت- إلا بخمار .
الثالث: الكفارة بالوطء: إذا وطئها زوجها فعليه الكفارة. الكفارة الصدقة بدينار أو بنصف دينار، ولو كان جاهلا. إذا قال مثلا لها: مكنيني. فقالت: إني حائض يُصدقها. بعض الناس يكذبها، ويقول: إنما تريد الامتناع؛ فيطؤها وهي حائض، وهذا ذنب كبير.
وكذلك لو كان ناسيا أو جاهلا أو مكرها لا تسقط الكفارة. ثم بعض الناس -والعياذ بالله- يغصبها على أن يطأها في الدبر إذا كانت حائضا. نقول: وطؤها في الحيض أسهل إثما من وطئها في الدبر؛ وذلك لأن الوطء في الحيض له كفارة، والوطء في الدبر ذنب كبير ليس له كفارة؛ يعاقب عليه.
فالحاصل أنه إذا وطئها في الفرج وهي حائض ولو مثلا غلبته شهوته لشدة الشهوة ولم يستطع فعليه الكفارة دينار أو نصفه على التخيير.
قال بعضهم: إذا وطئها في أول الحيض فعليه دينار، وإذا وطئها في آخره فعليه نصفه. ولعل الأقرب أنه مخير. إذا كانت مغصوبة فلا شيء عليها، وإن كانت مطاوعة فعليها أيضا كفارة.
إذا انقطع الدم قبل الاغتسال أو التيمم إذا لم يوجد الماء صح الصيام. لو مثلا طهرت في آخر الليل، وقالت: إن اغتسلت فاتني السحور. تتسحر ولو ما اغتسلت إلا بعدما طلع الفجر يصح الصيام. وكذلك يجوز أن يطلقها قبل أن تغتسل، إذا طهرت وابتدأت في الطهر ولو قبل الاغتسال وقع الطلاق طلاق سنة.
وكذلك قبل الاغتسال بعد الانقطاع يجوز لها أن تلبث في المسجد بوضوء. أن تجلس في المسجد إذا كانت متوضئة. علامة انقطاع الدم أن لا تتغير قطنة احتشت بها في زمن الحيض؛ فإذا احتشت بقطنة مثلا أو خرقة احتشت بها في فرجها، وخرجت لم تتلوث بحمرة دل على أنها طهرت. وذكروا أيضا أن من علاماته القصة البيضاء؛ أنه يخرج منها شيء بعد الانقطاع علامة على الانقطاع والطهر؛ أي شيء أبيض؛ يعني: يشبه القطن.
تقضي الحائض والنفساء الصوم ولا تقضي الصلاة؛ وذلك لأن الصلاة تتكرر. قد تبقى مثلا خمسة عشر يوما فلو كلفناها أن تقضي مثلا صلاة خمسة عشر يوما لشق ذلك عليها. أما الصوم فلا يتكرر؛ مرة في السنة.